ببغداد وقيل بل في سنة أربع وعشرين وثلاثمائة الشيخ الإمام ناصر السنة، وناصح الأمه، إمام أئمة الحق، ومدحض حجج المبدعين المارقين، حامل راية منهج الحق ذي النور الساطع والبرهان القاطع، أبو الحسن علي بن إسماعيل بن أبي بشر إسحاق بن سلام بن إسماعيل بن عبد الله بن موسى بن بلال بن أبي بردة بن أبي موسى، عبد الله بن قيس الأشعري الصحابي رضي الله عنه. قلت هذا، ذكر اسمه ونسبه، وذكر الإمام السمعاني الأشعري نسبه إلى أشعر، أحد أجداده، وهو ثبت بن داود بن يشجب. قال: وإنما قيل له أشعر لأن أمه ولدته والشعر على يديه. انتهى.
قلت: نسبته المعروفة المتفق عليها إلى أبي موسى الأشعري الصحابي، وهو من الأشاعر: قبيلة من اليمن، ونسلهم إلى الآن باق،، وهم عرب يسكنون قريباً من زبيد، مشهورون بالنسب المذكور.
وأما ذكر مناقبه، وما ورد في السنة من الأحاديث الدالة على شرف أصله وكبر مجلسه، وما أمره به النبي صلى الله عليه وآله وسلم في منامه، من النظر في سنته واتباعه لها ونصرته لمذهب الحق، وما شهد له به العلماء من الفضيلة والسيرة الجميلة، وما عرف به من العلم والعمل والعبادة والتقلل من الدنيا والزهادة، وعقوبة من أساء الظن به، واعتقد بطلان مذهبه وفساده، وبيان صحة إعتقاده وإعتداله وسداده، وما رئي له في المنام، مما يدل على أنه لمذهب الحق والهدى إمام، وأمر النبي صلى الله عليه وآله وسلم باتباعه واتباع أصحابه للمسائل التي سأله في منامه، وما ورد عليه من الأمر بإقتدائهم في جوابه، وما مدحه به العلماء الأحبار من الفضائل بالنثر والأشعار، وغير ذلك مما لا يدخل تحت قيد الإنحصار، فإنه يحتاج في تدوين الجملة إلى تصانيف مفردة مستقلة كبار.
وقد صنف في ذلك كتاباً نفيساً الإمام الحافظ المحقق المسند الماهر، صاحب تاريخ الشام في ثمانين مجلداً، وأبو القاسم المعروف بابن عساكر صنفه في مجلد، وقد اختصرته في كتاب سميته " الشاش المعلم شاووش، كتاب المرهم المعلم بشرت المفاخر العلية في مناقب الأئمة الأشعرية "، ذكرت فيه نبذة من مناقبهم الجليلة، ومحاسنهم الجميلة، وسيرهم الحميدة، وعقائدهم السديدة التي وافقوا فيها عقيدة إمام الأئمة. أبي الحسن الأشعري المذكور، ناصر الحق البارع القامع للبدع المشكور. وحذفت ما ذكر ابن العساكر من الروايات والأسانيد في تآليفه وجمعه، رغباً في الإختصار، وهرباً من الملل في الإكثار، فجاء كتابي من كتابه قدر ربعه.