ما سئمت الحياة لكن توثقت ... بإيمانهم فزالت يميني
وليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يميني فبيني
ومنه أيضاً:
لست ذا ذلة إذا عصى الدهر ... ولا شامخاً إذا أو أتاني
ومن ذلك:
وإذا رأيت فتى بأعلى رتبة ... في شامخ من عزة المترفع
قالت له النفس العروف بقدرها ... ما كان أولاني بهذا الموضع
ولم يزل على هذه الحالة إلى أن توفي في موضعه، ودفن في مكان، ثم نبش بعد زمان وسلم إلى أهله. وهو أول من نقل هذه الطريقة من خط الكوفيين إلى هذه الصورة، هو وأخوه على خلاف فيه، وله ألفاظ منقولة مستعملة، من ذلك قوله: إذا أحببت تهالكت، وإذا اتعظت أهلكت، فإذا رضيت أبدت، وإذا غضبت أبرت.
ومن كلامه: يعجبني من يقول الشعر تأدباً لا تكسباً، ويتعاطى الغناء تطرباً لا تطلباً قيل: وله كل معنى مليح في النظم والنثر. وكان ابن الرومي الشاعر يمدحه، فمن معاتبة المقولة فيه قوله:
أن يخدم القلم السيف الذي خضعت ... له الرقاب ودانت خوفه الأمم
كذا قضى للأقلام مذ برئت ... إن السيوف لها مذ أرهفت خدم
وكل صاحب سيف دائم أبداً ... ما زال يتبع ما يجري به القلم
وكان أخوه الحسن بن علي بن مقلة كاتباً أديباً بارعاً، قيل: والصحيح أنه صاحب الخط، وفي عزل ابن مقلة من الوزارة، قال بعض الشعراء:
يقال العزل للأحرار حيض ... نجاة الله من أمر بغيض
ولكن الوزير أبا علي ... من اللائي يئسن من المحيض
وفيها توفي العلامة إمام اللغة صاحب المصنفات أبو بكر محمد ابن الأنباري النحوي اللغوي، عمر سبعاً وخمسين سنة، سمع في صغره من الكديمي بضم الكاف وإسماعيل القاضي، وأخذ عن أبيه وثعلب وطائفة.
قال أبو علي القالي: كان شيخنا أبو بكر يحفظ فيما قيل ثلاثمائة ألف بيت شاهد في القرآن، وقال محمد بن جعفر التميمي: ما رأيت أحفظ من ابن الأنباري، ولا أغزر بحراً