بالمهدية التي بناها، وكان يظهر الرفض ويبطن الزندقة، وقال أبو الحسن القابسي صاحب " الملخص " الذي قتله عبيد الله وبنوه بعده أربعة آلاف رجل في دار النحر في العذاب، ما بين عالم وعابد ليردهم عن الترضي عن الصحابة، فاختاروا الموت. ومن ذلك قول بعضهم في قصيدة:
وأحل دار النحر في إعلاله ... من كان ذا تقوى وذا صلوات
قلت: ولم يزل الباطنية منهم في بعض جبال اليمن، وقد جرت لهم هناك أمور وزند وفجور، أوضحت ذلك في " كتاب المرهم " وتقدمت الإشارة في سنة سبع عشرة وثلاثين من هذا الكتاب إلى شيء من ذلك.
وفي السنة المذكور توفي الشيخ العارف أبو بكر محمد بن علي الكتابي شيخ الصوفية نزيل مكة، أخذ عن أبي سعيد الخراز وغيره وهو مشهور.
وفيها توفي الشيخ الكبير العارف بالله الشهير أبو علي الروذباري البغدادي نزيل مصر، من كبار شيوخها في زمانه، صحب الجنيد وجماعة، وكان إماماً محققاً، روي أنه قال: أستاذي في التصوف الجنيد، وفي الحديث إبراهيم الحربي، وفي الفقه ابن سريج وفي الأدب ثعلب. قلت: وناهيك بفضائل هؤلاء الأربعة المذكورين:
فيها محنة ابن شنبوذ، كان يقرأ في المحراب بالشواذ، فطلبه الوزير ابن مقله وأحضر القاضي والقراء وفيهم ابن مجاهد فناظروه، فأغلظ للحاضرين في الخطاب ونسبهم إلى الجهل، فأمر الوزير بضربه لكي يرجع، فضرب سبع درر وهو يدعو على الوزير، فتوبوه غضباً، وكتبوا عليه محضراً، وكان مما أنكر عليه: فأمضوا إلى ذكر الله وذروا البيع، وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصباً. وهذا الأنموذج مما روي ولم يتواتر.
وفيها توفي قتيبة شيخ الحنابلة البرنهاري " بالباء الموحدة والراء المكررتين "، فنودي أن لا يجتمع اثنان من أصحابه، وحبس منهم جماعة واختفى هو.