ادخل الآن إلى قفص وجودك، ارجع من طريق غيرة القدم إلى مضيق ذلة الحديث، قل بلسان اعترافك ليسمعك أرباب الدعاوى: حسب الواحد إفراد الواحد، مناط خفض الطريق، إقامة وظائف خدمة الشرع.

ومن كلام الشيخ شهاب الدين السهروردي ما روينا عنه في كتابه " عوارف المعارف " بإسنادنا العالي أنه قال: وما يحكى عن أبي يزيد رحمه الله قوله: سبحاني، حاشا أن يعتقد في أبي يزيد أنه يقول ذلك إلا على معنى الحكاية عن الله تعالى. قال: وهكذا ينبغي أن يعتقد في الحلآج رحمه الله قوله: أنا الحق.

وأما كلام الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي فقد ذكر في " كتاب مشكاة الأنوار "، فصلاً طويلاً في الإعتذار عن الألفاظ التي كانت تصدر عن الحلاج، مثل قوله: أنا الحق، وقوله: ما في الجبة إلا الله. وأمثال هذه الإطلاقات التي تنئو السمع عنها وعن ذكرها. قال ابن خلكان: وحملها كلها على محامل حسنة، وأولها قال: وقال هذا من فرط المحبة وشدة الوجد. قال: وجعل هذا مثل قول القائل:

أنا من أهوى، ومن أهوى أنا ... نحن روحان قد حللنا بدنا

فإذا أبصرته أبصرتني ... وإذا أبصرتني أبصرتنا

قلت: وهكذا اعتذر عنه وعن ما يصدر من الصوفية من الألفاظ الموهمة للحلول والإتحاد، في كتابه " المنقذ من الضلال ".

قلت: وأكثر المحققين حملوا على ما يقع منهم مخالفاً لظواهر الشرع من الأقوال على صدوره في حال سكرهم بواردات الأحوال. وإلى ذلك أشرت بالقصيدة المسماة بالدر المنضد في جيد الملاح، في بيان الإعتذار عن ما يصدر من المشايخ أرباب الأحوال الملاح.

وقتل الحلاج وما منه في ظاهر الشرع يستباح، وكونه شهيداً عند المشايخ لأن الغائب بالحال ما عليه جناح:

وبعض عن الأكوان فإن بعضهم ... به جاوز الإسكار حداً فعربدا

فسل عليه الشرع سيفاً حمى به ... حدوداً فرى الحلاج ماض محددا

فمات شهيداً عندكم من محقق ... وكم عندهم يخرج من النهج ملحدا

ولكن فتى بسطام رفقاً بحاله ... حمى عن عنايات عزيزاً ممجدا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015