والفضائل الشهيرة. يشمل فهرست كتبه على أربعمائة مصنف، أخذ الفقه عن أبي القاسم الأنماطي عن المزني، والمزني عن الشافعي. قيل وكان يفضل على جميع أصحاب الشافعي حتى على المزني. قال أهل الطبقات: وعنه أخذ فقهاء الإسلام من الشافعية، واشتهر مذهب الشافعي في الآفاف. وانتشر، وقام بنصرة المذهب والرد على المخالفين، وفرع على كتب محمد بن الحسن الحنفي وكان شيخ طريقة العراق أبو حامد الأسفراييني يقول: نحن نجري مع أبي العباس في ظواهر الفقه دون دقائقه.
قلت: وسمعت من بعض شيوخنا أنه سأله إنسان: كيف يلبي المحرم؟. فقال: يقول لبيك، اللهم لبيك، اللهم لبيك، إلى آخر التلبية المعروفة، فقال السائل. صرت محرماً فقال ابن سريج " تزببت حصرماً "، قلت: قاله تحكماً، لأن الحصرم لا يجيء منه زبيب وإنما قال السائل: صرت محرماً، لأنه قيل أن ابن سريج كان يقول: يلزم الحكم بالحكا والله أعلم، وكان يناظر محمد بن داود الظاهري. حكى أنه قال له ابن داود يوماً: أبلعني ريقي، قال ابن سريج أبلعتك دجلة. وقال له يوماً: أمهلني ساعة، فقال: أمهلتك الساعة إلى أن تقوم الساعة، وقال له يوماً: أكلمك من الرجل فتجيبني من الرأس. فقال هكذا البقر إذا خفيت أظلافها وهنت قرونها.
وقال الشيخ الإمام المعروف بالفقه والإتقان أبو علي بن خيران: سمعت أبا العباس سريج يقول: رأيت كأنا مطرنا كبريتاً أحمر، فملأت أكمامي وحجري منه، فعبر لي أن أرزق علماً عزيزا كعزة الكبريت الأحمر. وكان يقال له في عصره: إن الله تعالى بعث عمر عبد العزيز على رأس المائة من الهجرة، فأظهر كل سنة وأمات كل بدعة، ومن الله تعالى على رأس المائتين بالإمام الشافعي، حتى أظهر السنة وأخفى البدعة. ومن الله تعالى رأس الثلاثمائة بك حتى قويت كل سنة، وضعفت كل بدعة.
قلت: هكذا ذكر في التاريخ، ولكن الذي صرح به الحافظ الإمام أبو القاسم عساكر أن الصحيح أنه كان على رأس الثلاثمائة الإمام أبو الحسن الأشعري، لأنه الذي على أئمة المبتدعة، ونصر مذهب أهل الحق والسنة. والناس في ذلك الزمان إلى إقامة الحق والذب عن السنة وإبطال مذاهب البدعة بقواطع الأدلة والبراهين المقحمة المقررة في علم الأصول، أحوج منهم إلى معرفة الفروع. وكان الشيخ أبو الحسن الأشعري أولى بأن يكون من المجددين الذين على رأس كل مائة سنة المشار إليهم في الحديث على وجه الإبهام دون التعيين. وسيأتي ذكر من على رأس المائتين اللاتي بعد إن شاء تعالى.