خليفته المرضي خير خليفة ... وصاحبه في الغار حياً وفي الثرى
وأشرت إلى ذلك أيضا في أخرى بقولي.
شيخ الوقار وثاني الغار شاهده ... في مجده القبة الحسناء والغار
مقدم الفضل والعليا له شرف ... في ذكر كتب أعداء له عار
وانجلى له مسفرات عن محاسنها ... بيض العلى عاليات الحسن أبكار
على أبي بكر الصديق فائحة من ... نشر علياه آصال وأبكار
وأشرت إلى ذلك أيضا في أخرى بقولي.
له مفخر في الغارحياً ومفخر ... له في الثرى في مضجع خير مضجع
أضاءت به ظلماً دياجي ارتدادهم ... رجوعاً إلى دين الهدى خير مرجع
وكم مفخر كم من مناقب كم علا ... وكم سؤدد في فضله المتنوع
فصديقهم ذو المجد سابقهم ... إلى علا كل فضل نافياً كل مبدع
وقد اقتصرت فيه على أربعة أبيات من كل واحدة من هذه القصائد المذكورات، وفيه يقول حسان رضي الله تعالى عنه.
إذا تذكرت شجواً من أخي ثقة ... فاذكر أخاك أبا بكر بما فعلا
خير البرية أتقاها وأعدلها ... إلا النبي وأوفاها بما حملا
الثاني الثاني المحمود مشهده ... وأول الناس حقاً صدق الرسلا
ومناقبه مشهورة غير محصورة. ومن مناقبه رضي الله عه: قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم " ما ظنك باثنين الله ثالثهما؟ " أي ثالثهما بالنظر والمعونة والتسديد والرعاية، وقول صلى الله عليه وآله وسلم: " إن الله قد بعثني فقلتم: كذبت، وقال أبو بكر: صدق وواساني بنفسه وماله، فهل أنتم تاركون لي صاحبي؟ " فما أوذي بعدها الحديث.
قلت هذا نهاية المدح لأبي بكر رضي الله عنه، في صدق إيمانه وكمال يقينه، فإنه صلى الله عليه وآله وسلم أخبر في هذا الحديث: انهم كذبوه في وجهه، وصدقه أبو بكر في غيبته، وهنا أبلغ ما يكون في التصديق والتكذيب، فإن الإنسان قد يصدق في الوجه ولا يصدق في الغيبة، ويكذب في الغيبة ولا يكذب في الوجه، وهذا واضح لمن تأمله، وهذا مما ظفرت إذ لا أعرف أحداً من العلماء ذكره. وقوله صلى الله عليه وآله وسلم لما قيل له: من أحب الناس إليك؟ قال: " عائشة ". قيل: ومن الرجال؟ قال: " أبوها ".