عشر ألفاً، فالتقيا فانكسر ابن حفصون، وتبعه عبد الله يأسر ويقتل حتى لم ينج منهم أحد. وكان ابن حفصون من الخوارج.
وفيها توفي أبو الحسن علي بن سعيد العسكري، أحد أركان الحديث. وأبو الحسين مسدد بن قطن النيسابوري. قال الحاكم: كان مربي عصره، والمقدم في الزهد والورع.
وفيها توفي أبو أحمد يحيى بن علي المعروف بابن المنجم. كان أول أمره نديم الموفق طلحة بن المتوكل على الله، وكان الموفق نائباً عن أخيه المعتمد على الله، ولم يل الخلافة، ثم نادم يحيى المذكور الخلفاء بعد الموفق، واختص بمنادمة المكتفي بالله، وعلت رتبته عنده، وتقدم على خواصه وجلسائه. وكان متكلماً معتزلي الإعتقاد، وله في ذلك كتب كثيرة. وكان له مجلس يحضره جماعة من المتكلمين بحضره المكتفي، وله مع المعتضد وقائع ونوادر. من ذلك أنه قال: كنت يوماً بين يدي المعتضد، وهو مغضب، فأقبل بدر مولاه وهو شديد الغرام به، فلما رآه من بعيد ضحك وقال: يا يحيى، من الذي يقول من الشعراء:
في وجهه شافع يمحو إساءته ... من القلوب، وجيه حيث ما شفعا
فقلت: يقوله الحكم بن عمر والشاري. فقال: لله دره، أنشدني هذا الشعر، فأنشدته:
ويلي على من أطار النوم فامتنعا ... وزاد قلبي على أوداجه وجعا
كأنما الشمس في أعطافه لمعت ... حسناً أو البدر من أزراره طلعا
مستقبل بالذي يهوى وإن كثرت ... منه الذنوب، ومعذور متى صنعا
في وجهه شافع يمحو إساءته ... من القلوب، وجيه حيث ما شفعا
وفي حدود الثلاث مائة توفي أحمد بن يحيى الراوندي الملحد. وكان يلازم الرافضة والزنادقة، قال ابن الجوزي: كنت أسمع عنه العظائم حتى رأيت في كتبه ما يخطر على قلب أن يقوله عاقل، فمن كتبه: " كتاب نعت الحكمة "، و " كتاب قضب الذهب "، و " كتاب الزمرد "، وقال ابن عقيل: عجبي كيف لم يقتل، وقد صنف " الدامغ " يدمغ به على القرآن، و " الزمردة " يزري به عيب النبوات.