إحدى وتسعين ومائتين

فيها نهض جيش من طرسوس، فأدخلوا في الروم حتى نازلوا أنطاكية وافتتحوها عنوة، وقتلوا من الروم نحو خمسة آلاف، وغنموا غنيمة لم يعهد مثلها، بحيث بلغ سهم الفارس ألف دينار.

وأما القرمطي صاحب الشامة، فعظم خطبه، والتزم له أهل دمشق بمال عظيم، حتى يرحل عنهم وتملك حمص وصار إلى حماة والمعرة فقتل، فعظم خطبه، وسبى وعطف إلى بعلبك، فقتل أكثر أهلها، ثم سار فأخذ سلمية، وقتل أهلها قتلاً ذريعاً، حتى ما ترك بها عيناً تطرف. وجاء جيش المكتفي فالتقاهم بقرب حمص، وأسر خلقاً من جنده. وركب هو وابن عمه وآخر، واخترقوا ثلاثتهم البرية، فمروا بداليه ابن طوق فأنكرهم والي تلك الناحية، فقررهم، فاعترفهم صاحب الشامة، فحملهم إلى المكتفي فقتلهم وحرقهم.

وفي السنة المذكورة توفي الإمام علامة الأدب أبو العباس المشهور بثعلب، أحمد بن يحيى الشيباني، مولاهم الكوفي النحوي صاحب التصانيف المفيدة، انتهت إليه رئاس الأدب في زمانه. " قال ابن خلكان " في تاريخه: قال أبو بكر ابن المجاهد المقرىء: قال لي ثعلب: يا أبا بكر، اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمر، وفليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة. قال: فانصرف من عنده، فرأيت النبي صلى الله عليه وآله وسلم في تلك الليلة في المنام، فقال لي: أقرىء أبا العباس عني السلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل. وقال العبد الصالح أبو عبد الله. الرودباري: أراد أن الكلام به يكمل. والخطاب به يحمل، وإن جميع العلوم مفتقرة إليه.

صنف " كتاب الفصحاء " وهو صغير الحجم كثير الفائدة و " كتاب إعراب القرآن " و " كتاب القراءات "، و " كتاب حد النحو "، و " كتاب معاني الشعر " وغير ذلك، وهو بضعة عشر صنفاً. وكان إمام الكوفيين في النحو واللغة، سمع من ابن الأعرابي والزبير بن

طور بواسطة نورين ميديا © 2015