الفقه والحديث كثير التصانيف، خرج مرة من الرباط فشيعه نحو خمسين من بغداد إلى سامراء.
وفيها توفي الإمام الكبير الحافظ سليمان بن الأشعث، أبو داود السجستانى الأزدي، أحد أئمة الحديث وحفاظه ومعرفة علمه وعلله، وكان في الدرجة العاليه من النسك والصلاح، طوف البلاد وكتب عن العراقيين والخراسانيين والشاميين والمصريين والحجازيين والحرميين، وجمع كتاب السنن، قديماً، فربما عرضه. على الإمام أحمد بن حنبل فاستجازه واستحسنه. وعده الشيخ أبو إسحاق الشيرازي في طبقات الفقهاء، من أصحاب الإمام أحمد بن حنبل. وقال إبراهيم الحربي: لما صنف أبو داود كتاب السنن ألين لأبي داود الحديث كما ألين لداود عليه السلام الحديد. وكان يقول: كتبت عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم خمسمائة ألف حديث، انتخبت منها ما ضمنته هذا الكتاب يعني السنن، جمعت فيه أربعة آلاف وثمان مائة حديث، ذكرت الصحيح وما يشبهه ويقاربه، ويكفي الإنسان لدينه من ذلك أربعة أحاديث: أحدها قول النبي صلى الله عليه وسلم: " الأعمال بالنيات "، والثاني قوله: " ومن حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه "، والثالث قوله: " لا يكون المؤمن مؤمناً حتى يرضى لأخيه ما يرضى لنفسه "، والرابع قوله: " الحلال بين والحرام بين، وبين ذلك أمور مشتبهات ". الحديث بكماله، وجاءه الشيخ الكبير الوالي الشهير العارف بالله الخبير سهل بن عبد الله التستري، فقيل له: يا أبا داود، هذا شهل عبد الله، قد جاءك زائراً. قال فرحب به وأجلسه فقال: يا داود، لي إليك حاجة، قال: هي؟ قال: تقول قضيتها، قال: قضيتها مع الإمكان. قال: اخرج لسانك الذي حدثت به رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم حتى أقبله، فأخرج لسانه فقبله، توفي رضي الله تعالى عنه يوم الجمعة منتصف شوال من السنة المذكورة. وكان رأساً في الحديث، رأساً الفقه، ذا جلالة وحرمة وصلاح وورع، حتى كان يشبه شيخه أحمد بن حنبل، رحمة الله عليهم.
فيها توفي الإمام الحافظ أبو عبد الرحمن بقي بن مخلد الأندلسي، أحد الأعلام سمع يحيى بن يحيى، ويحيى بن بكير، وأحمد بن حنبل وطبقتهم، وصنف التفسير الكبير والمسند الكبير. قال ابن حزم أقطع. إنه لم يؤلف في الإسلام مثل تفسيره. وكان بقي بن