المذكور وهو:

صبراً جميلاً ما أسرع الفرجا ... من صدق الله في الأمور نجا

من خشي الله لم ير له أذى ... ومن رجا الله كان حيث رجا

وفيها توفي أبو محمد الربيع بن سليمان الجيزي صاحب الإمام الشافعي، لكنه كان قليل الرواية عنه، وكان ثقة. روى عنه أبو داود والنسائي. وتوفي في ذي الحجة من السنة المذكورة بالجيزة، وقبره بها كذا قاله القضاعي.

وفيها توفي داود بن علي الفقيه، الإمام الأصبهاني الظاهري صاحب التصانيف، سمع القعنبي وسليمان بن حرب وطبقتهما، وتفقه على أبي ثور وابن راهوية وكان زاهداً وناسكاً متقللاً كثير الورع، وكان من كثر الناس تعصباً للإمام الشافعي، وصنف في فضائله والثناء عليه كتابين، وكان صاحب مذهب مستقل بنفسه، وتبعه جمع كثير يعرفون بالظاهرية. وكان ولده أبو بكر على مذهبه، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى وانتهت إليه رياسة العلم ببغداد، وقيل: كان يحضر مجلسه أربعمائة طيلسان أخضر، قال داود: حضر مجلسي يوماً أبو يعقوب البويطي، وكان من أهل البصرة، وعليه أخرقتان، فتصدر لنفسه من غير أن يجلسه أحد، وجلس إلي جانبي وقال: سل عما بدا لك؟. فكأني أغضبت منه فقلت له مستهزئاً: أسألك عن الحجامة، فبرك، ثم روى طريق " أفطر " الحاجم والمحجوم ومن أرسله ومن أسنده ومن وقفه، ومن ذهب إليه من الفقهاء. وروى اختلاف طريق احتجام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأعطى الحجام أجره، ولو كان حراً، ما لم يعطه. وروى بطريق أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم احتجم بقرن، وذكر الأحاديث الصحيحة في الحجامة، ثم ذكر الأحاديث المتوسطة. مثل: ما مررت بملأ من الملائكة، ومثل: شفاء أمتي في ثلاث، وذكر الأحاديث الضعيفة مثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم: لا تحتجموا يوم كذا ولا ساعة كذا. ثم ذكر ما ذهب إليه أهل الطب من الحجامة في كل زمان، وما ذكروه فيها، ثم ختم كلامه بأن قال: أول ما خرجت الحجامة من أصفهان. فقلت له: والله لا أحقرن بعدك أحداً أبداً. وكان داود من عقلاء الناس، قال أبو العباس ثعلب في حقه: كان عقل داود كثر من علمه. وتوفي في ذي القعدة، وقيل في شهر رمضان، وقال ولده أبو بكر: رأيت أبي في المنام فقلت: ما فعل الله بك. فقال: غفر لي وسامحني. فقلت: غفر لك، فبم سامحك. فقال: يا بني، الأمر عظيم، والويل كل الويل لمن لم يسامح.

وفيها توفي محمد بن إسحاق الصاغاني البغدادي الحافظ الحجة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015