وكان عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما وأبو قتادة الأنصاري حاضرين، فكلما خالداً في أمره، فكره كلامهما، فقال مالك: يا خالداً بعثنا إلى أبي بكر، فيكون هو الذي يحكم فينا، فقد بعث إليه غيرنا ممن جرمه أكبر من جرمنا، فقال خالد: لا أقالني الله إن لم أقتلك. وتقدم إلى ضرار بن الأزور الأسدي بضرب عنقه، فالتفت مالك إلى زوجته أم متمم، وقال لخالد: هذه التي قتلتني وكانت في غاية الجمال فقال له خالد: بل الله قتلك برجوعك عن الإسلام، فمال مالك: أنا على الإسلام، فقال خالد: لا ضرار اضرب عنقه، فضرب عنقه، وجعل رأسه أثفية لقدر، وكان من أكثر الناس شعراً، وكان القدر على رأسه تطبخ الطعام، وما خلصت النار إلى سواه من كثرة شعره. هكذا قيل، وقبض خالد إمرأته، وقيل إنه اشتراها من الفيء وتزوجها، وقيل: إنها اعتدت بثلاث حيضات، ثم خطبها إلى نفسها فأجابته.

وقال لإبن عمر وأبي قتادة: تحضران النكاح، فأبيا وقال له ابن عمر: تكتب إلى أبي بكر، وتذكر له أمرها، فأبى وتزوجها، فقال في ذلك أبو زهير السعدي أبياتاً، نسب فيها خالداً إلى البغي.

قلت: ومنصب الصحابة منزه عن ذلك، يلتمس لهم أحسن المخارج كما ذكر العلماء في قتال بعضهم بعضاً، وكما سيأتي من إعتذار أبي بكر رضي الله تعالى عنه لخالد في القضية، على ما ذكر بعض المؤرخين. ومن أبيات أبي زهير المذكور:

ألا قل لحي أوطئوا بالسنابك ... تطاول هذا الليل من بعد مالك

قضى خالد بغياً عليه لفرسه ... وكان له فيما هو قبل ذلك

فأمضى خالد غير عاطف ... عنان الهوى عنها ولا متمالك

وأصبح ذا أهل وأصبح مالك ... إلى غير شيء هالك في الهوالك

فمن لليتامى والأرامل بعده ... ومن للرجال المعدمين الصعالك

أصيبت تميم عنها وسميتها ... بفارسها المرجو سحت الحوارك

قلت: قوله: " وكان له في ما هو قبل ذلك ": هكذا هو في الأصل المنقول فيه، والصواب فيك، التفاتا إلى المرأة، لمصبح كسر الكاف من ذلك. والحوارك تطلق على كواهل الخيل.

قالوا: ولما بلغ الخبر أبا بكر وعمر، قال عمر: إن خالداً قد زنى فارجمته قال: ما كنت لأرجمه، فإنه تأول فأخطأ، قال: فإنه قتل مسلماً فاقتله، قال: ما كنت لأقتله به، إنه فأخطأ، قال: فاعز له، قال: ما كنت لأشيم سيفاً سله الله عليهم أبداً. يعني ما كنت

طور بواسطة نورين ميديا © 2015