المؤذن وهو في السجن يوم الجمعة، اغتسل ولبس ثيابه، ومشي حتى يبلغ باب السجن، فيقول السجان: أين تريد؟. فيقول: أجيب داعي الله، فيقول: ارجع عفاك الله فيقول: اللهم إنك تعلم أني قد أجبت داعيك فمنعوني.

وقال الربيع: كان الرجل ربما يسأل الشافعي عن المسألة فيقول: سل أبا يعقوب، فإذا أجابه أخبره، فيقول: هو كما قال: وقال الخطيب البغدادي: قال الشافعي: ليس أحد أحق بمجلس من يوسف بن يحيى، وقال الربيع: كنت عند الشافعي أنا والمزني وأبو يعقوب البويطي قال للبويطي: أنت تموت في الحديث، وقال لي: موتك في الحديث، وقال للمزني: هذا النواظر، الشياطين تطيعه.

وفيها توفي أبو تمام الطائي: حبيب بن أوس الحوراني، متقدم شعراء عصره في ديباجة لفظه وصناعة شعره وحسن أسلوبه، وله: كتاب الحماسة الدال على غزارة فضله واتقان معرفته وحسن اختياره، وله مجموع آخر سماه " فحول الشعراء " جمع فيه بين طائفة كثيرة من شعراء الجاهلية والمخضرمين والإسلاميين و " كتاب اختيارات من شعر الشعراء "، كان له من المحفوظات ما لا يلحقه فيه غيره قبل، كان يحفظ أربعة آلاف ديوان الشعر غير ألف أرجوزة للعرب غير القصائد والمقاطيع، ومدح الخلفاء، وأخذ جوائزهم، وجاب البلاد، وقصد البصرة، وبها عبد الصمد بن المعدل الشاعر، فلما سمع بوصوله وكان في جماعة من غلمانه وأتباعه خاف من قدومه أن يميل الناس إليه، ويعرضوا عنه، فكتب إليه قبل دخوله البلد:

أنت بين اثنين تبرز للناس ... وكلتاهما بوجه مذال

أيما يبقى لوجهك هذا ... بين ذل الهوى وذل السؤال

فلما وقف على هذا النظم أضرب عن مقصده ورجع، وقال: قد شغل هذا ما يليه، فلا حاجة لنا فيه، ولما قال ابن المعدل هذا النظم، كتبه ودفعه إلى وراق، وكان هو وأبو تمام يجلسان إليه، ولا يعرف أحدهما الآخر، وأمره أن يدفعه إلى أبي تمام، فلما قرأ الورقة أبو تمام قال:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015