تقول في قومس صحبي وقد أخذت ... مني السرى وخطا المهرية القود
أمطلع الشمس تنوي أن تؤم بنا ... فقلت: كلآ ولكن مطلع الجود
وقيل: هذان البيتان أخذهما أبو تمام من أبي الوليد مسلم بن الوليد الأنصاري المعروف بصريع الغواني الشاعر المشهور حيث يقول:
يقول صحبي وقد جدوا على عجل ... والخيل يفتن بالركبان في اللحم
أمغرب الشمس تنوي أن توم بنا ... فقلت: كلا ولكن مطلع الكرم
فإنه أغار على اللفظ والمعنى جميعاً، ولما وصل أبو تمام إليه أنشده قصيدته الثانية البديعة التي يقول فيها:
وركب كأطراف الأسنة عرسوا ... على مثلها، والليل تستر غياهبه
وفي هذه السفرة ألف أبو تمام " كتاب الحماسة " وكان سبب ذلك أنه لما وصل إلى همدان أشتد البرد، فأقام ينتظر زواله، وكان نزوله عند بعض الرؤساء بها، وفي دار ذلك الرئيس خزانة كتب فيها دواوين العرب وغيرها، فتفرغ لها أبو تمام، وطالعها واختار منها ما ضمنه كتاب الحماسة، وكان ابن طاهر المذكور مع أوصافه المتقدمة أديباً ظريفاً، وله شعر مليح ورسائل ظريفة، ومما قال فيه بعض الشعراء:
يقول الورى لي أن مصر بعيده ... وما بعدت مصر، وفيها ابن طاهر
وأبعد من مصر رجال تراهم ... بحضرتنا، معروفهم غير حاضر
عن الخير موتى، ما تبالي أزرتهم ... على طمع أزرت أهل المقابر
قلت: والمصراع الأول من البيت الأول غيرته بعض الفضلاء لخلل الوزن في الأصل المنقول منه.
وذكر بعض المؤرخين أن البطيخ المسقى بعبد اللاوي الموجود في الديار المصرية منسوب إلى عبد الله المذكور، قيل ليلة كان يستطيبه، أو أنه أول من زرعه هناك، وقيل أنه وقومه خزاعيون بالولاء، فإن جدهم رزيق مولى أبي محمد طلحة بن عبد الله المعروف بطلحة الطلحات الخزاعي المتولي على سجستان من قبل سالم بن زياد بن أبيه، وفيه يقول ابن الرقتات:
رحم الله أعظماً دفنوها ... بسجستان طلحة الطلحات