الأمين، وأنشد ابن أبي عائشة للزبير بن بكار:
ولو كان يستغني عن الشكر ماجد ... لغزة قدر أو علو مكان
لما أمر الله العباد بشكره ... فقال اشكروني أيها الثقلان
قلت: وهذا القول غير لائق بجلال الله تعالى ولا جائز في صفاته، فإنه يفهم أن الله سبحانه غير مستغن عن شكر العباد، وهو باطل تعالى الله عن ذلك بل غني عن كل شيء، كما قال تعالى: " ومن كفر فإن الله غني عن العالمين " " عمران: 97، " ولما قد علم عند العقلاء العالمين أنه متصف تعالى بالكمال المطلق، دلت على ذلك قواطع البراهين.
وفي السنة المذكورة توفي أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن عمرو بن معاوية بن عمرو بن عتبة بن أبي سفيان صخر بن حرب الأموي المعروف بالعتبي الأخباري الفصيح الأديب.
قال الأصمعي: الخطباء من بني أمية: عبد الملك بن مروان، وعتبة بن أبي سفيان.
قال العتبي محمد بن عبد الله المذكور: حججت فمررت بنسوة وإذا فيهن جارية تشتهي، ما رأيت أجمل منها، فقلت لها: ممن الجارية؟. فقالت: أما الأعمام فسليم، وأما الأخوال فعامر، فقلت:
رأيت غزالاً من سليم وعامر ... فهل لي إلى ذاك الغزال سبيل
فضحكت ثم قالت:
وماذا يرجى من غزال رأيته ... وحطك من ذاك الغزال قليل
ولو قالت: وليس إلى ذلك الغزال وصول، كان أبلغ في نفي مرامه، إلا أن تكون أرادت بالقلة المحادثة والنظر، فقولها في هذا الوجه معتبر.
وقال بعض المؤرخين: كان أديباً فاضلاً شاعراً مجيداً راوياً للأخبار وأيام العرب، روى عن ابن عيينة وغيره، وروى عنه أبو حاتم السجستاني وأبو الفضل الرياشي وإسحاق بن محمد النخغي، وله عدة تصانيف، وروى له ابن قتيبة في كتاب المعارف:
رأين العوافي الشيب لاح بعارضي ... فأعرضن عني بالخدود النواضر
وكن متى أبصرنني أو سمعن بي ... سعين فرفعن بالكوايا المحاجر
فإن عطفت عني أعنة أعين ... نظرن بأحداق المهاوي الأجازر
فإني من قوم كريم ثناؤهم ... لأقوامهم صيغت رؤوس المنابر
خلايف في الإسلام، في الشرك سادة ... بهم وإليهم فخر كل مفاخر