حافياً، وهو يقول: بل عبد فلم يلحقه، فرجع ولم يزل حافياً، فسئل عن ذلك فقال: الحالة التي صولحت وأبا عليها، لا أحب أن أغيرها.
ويحكى أنه أتى باب المعافي بن عمران، فدق عليه، فقيل: من هذا. فقال: بشر الحافي، فقالت بنت من داخل الدار لو اشتريت نعلاً بدانقين لذهب عنك اسم الحافي.
قيل: وإنما لقب بالحافي، لأنه جاء إلى إسكاف يطلب منه شسعاً لإحدى نعليه، وكان قد انقطع، فقال له الإسكاف: ما أكثر كلفتكم على الناس، فألقى النعل من يده، والأخرى من رجله، وحلف لا يلبس بعدها نعلاً، وقيل له: بأي شيء تأكل الخبز؟. فقال: اذكر العافية، فأجعلها إداماً، ومن دعائه. " اللهم إن كنت شهرتني في الدنيا لتفضحني في الآخرة، فاسلب ذلك عني "، " ومن كلامه "، عقوبة العالم في الدنيا أن ينمي بصر قلبه، وقال: من طلب الدنيا فتهيأ للذل.
وقال بعضهم: بعث بشر يقول لأصحاب الحديث: ما زكاة هذا الحديث؟ فقالوا: وما زكاته.، قال: اعملوا من كل مائتي حديث بخمسة أحاديث، وقيل له: لم لا تحدث؟ فقال: أني أحب أن أحدث، ولو أحببت أن اسكت لحدثت، يعني أخاف نفسي في هواها، وكان له رضي الله تعالى عنه ثلاث أخوات، كلهن زاهدات عابدات ورعات، مصنفة وهي الكبرى ومنحة وزبدة.
قال عبد الله بن أحمد بن حنبل: دخلت امرأة على أبي، وقالت له: يا أبا عبد الله، إني امرأة أغزل في الليل على ضوء السراج، وربما طفىء السراج، فأغزل على ضوء القمر، فهل علي أن أبين غزل السراج من غزل القمر؟ فقال لها: إن كان عندك بينهما فرق فعليك أن تبيني ذلك، فقالت: يا أبا عبد الله، أتبين المريض؟ هل هو شكوى؟ فقال لها: إني لأرجو أن لا يكون شكوى، ولكن هو اشتكى، وإلى الله قال عبد الله فقال لي أبي: يا بني ما سمعت قط إنساناً يسأل عن مثل ما سألت هذه المرأة فاتبعها، قال عبد الله: فتبعتها إلى أن دخلت دار بشر الحافي، فعرفت إنها أخت بشر، فأتيت أبي، فقلت: إن المرأة أخت بشر الحافي، فقيل: اتق الله، هذا هو الصحيح، محال أن يكون هذه إلا أخت بشر.
وقال عبد الله أيضاً: جاءت " منحة " أخت بشر الحافي إلى أبي، فقالت: يا أبا عبد الله، رأس مالي دانقان أشتري بها قطناً فأغزله وأبيعه بنصف درهم، فأنفق دانقاً من الجمعة إلى الجمعة، وقد مر الطائف ليلة ومعه مشعل، فاغتنمت ضوء المشعل، وغزلت طاقين في ضوء، فعلمت أن الله سبحانه مطالب لي، فخلصني من هذا خلصك الله