مالي ومالك قد كلفتني شططاً ... حمل السلاح وقول الدارعين، قف

أمن رجال المنايا خلتني رجلاً ... أمسي وأصبح مشتاقاً إلى التلف

تمسي المنايا إلى غيري فأكرهها ... فكيف أمشي إليها بارز الكتف

ظننت أن نزال الناس من خلقي ... أو أن قلبي في جنبي أبي دلف

فبلغ خبره أبا دلف، فوتجه إليه ألف دينار، وكان أبو دلف بكثرة عطائه، قد ركبته الديون، واشتهر ذلك عنه، فدخل عليه بعضهم وأنشده:

أيا رب المنائح والعطايا ... ويا طلق المحيا واليدين

لقد خبرت أن عليك دينا ... فزد في رقم دينك واقض ديني

فوصله وقضى دينه، ودخل عليه بعض الشعراء فأنشده:

الله أجرى من الأرزاق أكثرها ... على يديك العلم يا أبا دلف

ما خط لي كاتباه في صحيفته ... كما يخط لي في سائر الصحف

نادى الرماح فأعطى وهي جارية ... حتى إذا وقفت أعطى ولم يقف

وقد تقدم أنه حضر أبو دلف بين يدي المأمون فقال: يا أبا دلف، أنت الذي يقول فيك الشاعر:

إنما الدنيا أبو دلف ... بين بادية ومحتضره

فإذا ولى أبو دلف ... ولت الدنيا على أثره

قال: لست ذاك يا أمير المؤمنين ولكنني الذي يقول فيه علي بن جبلة.

أبا دلف ما كذب الناس كلهم ... سواي فإني في مديحك أكذب

فرضي عنه وتعجب من ذكائه، واستنشد أبو دلف أبا تمام القصيدة التي رثا بها محمد بن حميد، فلما بلغ قوله:

توفيت الآمال بعد محمد ... وأصبح في شغل عن السفر السفر

وما كان إلا مال من قلة ماله ... وذخر المراثي، وليس له زخر

تردى ثياب الموت حمراً فما أتى ... لها الليل إلا وهي من سندس خضر

كأن بني نبهان يوم وفاته ... نجوم سماء خر من بينها البدر

فبكى أبو دلف وقال: وددت أنها في، فقال أبو تمام: بل سيطيل الله عز وجل الأمير، فقال: لم يمت من، قيل، فيه هذا و " السفر " بفتح السين، وسكون الفاء، جمع سافر، مثل

طور بواسطة نورين ميديا © 2015