عندما جعل المأمون ولي عهده علي بن موسى الرضى، وحورب فانكسر مرة بعد أخرى، واختفى، وبقي مختفياً سبع سنين، ثم ظفروا به، فعفا عنه المأمون.

وفيها توفي قاضي مكة أبو أيوب سليمان بن حرب الأزدي الواشجي البصري الحافظ، حضر مجلسه المأمون من وراء ستر. وأبو الحسن علي بن محمد المدائني البصري الأخباري صاحب التصانيف والمغازي والأنساب، وكان يسرد الصوم.

وفيها توفي العلامة العالم أبو عبيد القاسم بن سلام " بتشديد اللام " البغدادي صاحب التصانيف، سمع شريكاً وابن المبارك وطبقتهما، وقال إسحاق بن راهويه الحق يحدث الله: أبو عبيد أفقه مني وأعلم. وقال أحمد: أبو عبيد أستاذ، ووصفه غيره بالدين والسيرة الجميلة وحسن المذهب والفضل البارع، وكان أبوه عبداً رومياً لرجل من أهل هراة، اشتغل أبو عبيد بالحديث والفقه والأدب.

وقال القاضي أحمد بن كامل: أبو عبيد فاضل في دينه وعلمه، متفنن في أصناف علوم الإسلام من القرآن والفقه والعربية والأخبار وحسن الرواية، صحيح النقل، لا أعلم أحداً من الناس ظفر عليه في شيء من أمر دينه.

وقال إبراهيم الحربي: كان أبو عبيد كأنه جبل نفخ فيه الروح، يحسن كل شيء، ولي القضاء بمدينة طرسوس ثماني عشرة سنة، وروى عن أبي زيد الأنصاري والأصمعي وأبي عبيدة وابن الأعرابي والكسائي والفراء وجماعة كثيرة وغيرهم. وروى الناس من كتبه المصنفة نيفاً وعشرين كتاباً في القرآن الكريم والحديث وغريبه والفقه، وله مصنف " في الغريب " و " كتاب الأمثال "، و " معاني الشعر والمقصور والممدود "، و " القراءات والمذكر والمؤنث "، و " كتاب النسب "، و " كتاب الأحداث "، و " أدب القاضي "، و " عدداي القرآن "، و " الأيمان والنذور "، و " كتاب الأموال "، وغير ذلك من الكتب النافعة، ويقال أنه أول من صنف في غريب الحديث، ولما وضع كتاب الغريب عرضه على عبد الله بن طاهر، فاستحسنه وقال: إن عاقلاً بعث صاحبه على عمل هذا الكتاب حقيق أن لا يخرج إلى طلب المعاش، وأجرى له عشرة آلاف درهم في كل شهر.

وقال محمد بن وهب المسعودي: سمعت أبا عبيد يقول: كنت في تصنيف هذا الكتاب أربعين سنة، وربما كنت أستفيد الفائده من أفواه الرجال، فأضعها في موضعها من

طور بواسطة نورين ميديا © 2015