زوج ابنته من أبيه " علي الرضى " وكان زوج الأب والإبن بنتيه، كل واحد بنتاً، وقدم الجواد إلى بغداد وافدا على المعتصم، ومعه امرأته أم الفضل ابنة المأمون، فتوفي فيها، وحملت امرأته أم الفضل إلى قصر عمها المعتصم، فجعلت مع الحرم، وكان الجواد يروي مسنداً عن آبائه إلى علي بن أبي طالب رضوان الله تعالى عليهم أجمعين أنه قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى اليمن، فقال لي وهو يوصيني: يا علي، ما جار، أو قال: ما خاب من استخار، ولا ندم من استشار، يا علي، عليك بالدلجة، فإن الأرض تطوي بالليل ما لا تطوي بالنهار، يا علي، أغد، فإن الله بارك لأمتي في بكورها، وكان يقول: من استفاد أخاً في الله، فقد استفاد بيتاً في الجنة. ولما توفي دفن عند جده موسى بن جعفر في مقابر قريش، وصلى عليه الواثق بن المعتصم.
وفيها: توفي الإمام الرباني أبو عبد الرحمن عبد الله بن مسلمة بن قعنب الحارثي المدني القعنبي الزاهد، سكن البصرة ثم مكة وبها توفي، وقيل بالبصرة، وهو أوثق من روى الموطأ، قال أبو زرعة: ما كتبت عن أحد أجل في عيني من القعنبي، وقال أبو حاتم: ثقة لم أر أخشع منه، وقال غيرهما من الأئمة هو والله عندي خير من مالك، وقال الفلاس: كان القعنبي مجاب الدعوة، وقال محمد بن عبد الوهاب الفراء: سمعتهم بالبصرة يقولون القعنبي من الإبدال.
قال عبد الله بن أحمد بن الهيثم: سمعت جدي يقول: كنا إذا أتينا عبد الله بن مسلمة القعنبي خرج إلينا كأنه مشرف على جهنم نعوذ بالله منها قلت: وقال الشيخ محيي الدين النووي في شرح البخاري: روينا عن أبي مرة الحافظ قال: قلت للقعنبي: حدث، ولم يكن يحدث، قال: رأيت كأن القيامة قد قامت، فصيح بأهل العلم، فقاموا فقمت معهم، فصيح. اجلس، فقلت: إلهي ألم أكن معهم أطلب؟ قال: بلى، ولكنهم نشروه وأخفيته، فحدث، قال النووي: وروينا عن الإمام مالك أن رجلاً جاءه فقال: قدم القعنبي، فقال مالك: قوموا بنا إلى خير أهل الأرض، وقال محيي الدين المذكور: سمع مالكاً والليث وحماد بن سلمة وخلائق لا يحصون من الأعلام وغيرهم. وروى عنه الذهلي والبخاري ومسلم وأبو داود والترمذي والنسائي والخلائق من الأعلام، وأجمعوا على جلالته وإتقانه وحفظه وإخلاصه وورعه وزهادته، وكانت وفاته يوم الجمعة لست خلت من المحرم من السنة المذكورة.