عشرة ومائتين

في السنة المذكورة، كان بني المأمون ببوران بواسط، فقام بضعة عشر يوماً، فقام أبوها الحسن بن سهل فقام أمير المؤمنين بمصالح الجيش تلك الأيام، وغرم خمسين ألف ألف درهم، وكان العسكر خلقاً لا يحصى، فلم يكن فيهم من اشترى لنفسه ولا لدوائه حتى على الحمالين والمكارية والملاحين وكل من حضر في ذلك العسكر، فأمر له عند منصرفه بعشرة آلاف درهم، وكان عرساً لم يسمع بمثله في الدنيا، نثر فيه على الهاشميين والقواد والوجوه والكتاب بنادق مسك فيها رقاع بأسماء ضياع، وأسماء جوار ودواب وغير ذلك، وكل من وقع في حجره شيء منها ملك ما هو مكتوب فيها من هذه المذكورات، سواء كانت ضيعة أو فرساً أو جارية أو مملوكاً أو ملكاً أو غير ذلك، ثم نثر بعد ذلك على سائر الناس الدنانير والدراهم ونوافج المسك وبيض العنبر، وفرش للمأمون حصير منسوج بالذهب، فلقا وقف عليه نثرت على قدميه لالىء كثيرة، فلقا رأى تساقط اللآلىء المختلفة على الحصير المنسوج بالذهب، قال: قاتل الله أبا نواس كأنه شاهد هذه الحالة حين قال في صفة الخمر والحباب الذي تعلوها عند المزج:

كأن صغرى وكبرى من مواقعها ... حصباء در على أرض من الذهب

وقد غلطوا أبا نواس في هذا البيت المذكور لكونه ذكر فعلي أفعل التفضيل من غير إضافة ولا تعريف.

ثم إن المأمون أطلق له خراج فارس والأهواز مئة سنة وقالت الشعراء والخطباء فأطنبوا في ذلك. ومما يستطرف فيه قول محمد بن حازم الباهلي:

بارك الله للحسن ... ولبوران في الختن

يا ابن هارون قد ظفر ... ت ولكن ينت من

فلما نمي هذا الشعر إلى المأمون قال: والله ما ندري خيراً أراد أم شراً.

قال الطبري: دخل المأمون على بوران الليلة الثالثة من وصوله، فلما جلس نثرت عليها جدتها ألف درة، وكانت في طبقة ذهب، فأمر المأمون أن يجمع، وسألها عن عدد الدر كم هو؟. فقالت ألف حبة، فوضعها في حجرها، فقال لها: هذه تحيتك وسلي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015