مفتوحه، ويده بالخير مبسوطه، وأنت حدثتني حين كنت على قضاء الرشيد أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال للزبير: يا زبير: إن مفاتيح الرزق بإزاء العرش، ينزل الله سبحانه للعباد أرزاقهم على قدر نفقاتهم، فمن كثر كثر له، ومن قلل قلل عنه، قال الواقدي وكنت نسيت الحديث، فكانت مذاكرته إياي أعجب إلي من صلته، وروى عنه بشر الحافي رضي الله عنه أنه يكتب للحمى يوم السبت على ورقة زيتون، والكاتب على طهارة " جهنم غرثى "، وعلى ورقة أخرى " جهنم عطشى "، وعلى أخرى: " جهنم مقزورة "، ثم يجعل في خرقة وتشد في عضد المحموم الأيسر، قال الواقدي: جربته فوجدته نافعاً، هكذا نقل أبو الفرج ابن الجوزي في كتاب أخبار بشر الحافي.
وروى المسعودي في كتاب مروج الذهب أن الواقدي قال: كان لي صديقان، أحدهما هاشمي، وكنا كنفس واحدة، فنالتني ضائقة شديدة، فكتبت إلى صديقي الهاشمي أسأله التوسعة علي، فوجه إلي كيساً مختوماً، ذكر أن فيه ألف درهم، فما استقر قراري حتى كتب إلي الصديق الآخر يشكو مثل ما شكوت إلى صديقي الهاشمي، فوتجهت إليه، الكيس بحاله، وخرجت إلى المسجد، فأقمت فيه ليلتي مستحياً عن امرأتي، فلما دخلت عليها استحسنت ما كان مني، ولم تعنفني عليه، وبينا أنا كذلك إذ وافاني صديقي الهاشمي ومعه الكيس كهيئته، فقال لي: أصدقني عما فعلته فيما وجهت به إليك، فعرفته الخبر على وجهه، فقال لي: إنك وجهت إلي وما أملك على الأرض إلا ما بعثت به إليك، فكتبت إلى صديقنا أسأله المواساة، فوجه كيسي بخاتمي.
قال الواقدي: فيواسينا الألف فيما بيننا، فأخرجنا للمرأة مائة درهم قبل ذلك، ونما الخبر إلى المأمون، فدعاني فشرحت له الخبر، فأمر لنا بسبعة آلاف دينار، لكل واحد منا ألفا دينار، وللمرأة ألف دينار.
وذكر الخطيب أيضاً هذه الحكاية في تاريخ بغداد مع اختلاف يسير بين الزوايتين.
وفيها توفي الإمام البارع النحوي يحيى بن زياد الفراء الكوفي أجل أصحاب الكسائي، كان رأساً في النحو واللغة، أبرع الكوفيين وأعلمهم بفنون الأدب على ما ذكر بعض المؤرخين.
وحكي عن أبي العباس ثعلب أنه قال: لولا الفراء لما كانت عربية، لأنه خلصها وضبطها، ولولاه لسقطت العربية، لأنها كانت تتنازع، ويدعيها كل واحد. أخذ الفراء النحو عن أبي الحسن الكسائي، وهو الأحمر من أشهر أصحابه وأخصهم به.