شجاعاً جواداً، ركب يوماً ببغداد في حراقته، فاعترضه مقدس بن صيفي الشاعر فقال: أيها الأمير، إن رأيت أن تسمع مني أبياتاً، فقال: قل، فأنشد يقول:

عجبت لحراقة ابن الحسين ... لا غرقت كيف لا تغرق

وبحران: من فوقها واحد ... وآخر من تحتها مطبق

وأعجب من ذاك أعوادها ... وقد مسها، كيف لا تورق

فقال طاهر: أعطوه ثلاثة آلاف درهم على هذه الثلاثة الأبيات، وقال: قولوا له: في زدنا حتى نزيدك، فقال: حسبي، وتواعد طاهر المذكور بالقتل الكاتب خالد بن جيلويه بالجيم والمثناة من تحت مكررة بعد الواو على وزن حمدويه فبذل له خالد من المال شيئاً كثيراً، فلم يقبل منه، فقال خالد قلت شيئاً فأسمعه، ثم شأنك وما أردت، فقال طاهر وكان يعجبه الشعر قل فأنشده:

زعموا بأن الصقر صادف مرة ... عصفور بر ساقه المقدور

فتكلم العصور فوق جناحه ... والصقر منقض عليه يطير

ما كنت يا هذا لمثلك لقمة ... ولئن سويت فإني لحقير

فتهاون الصقر المذل بصيده ... كرماً فأفلت ذلك العصفور

فقال طاهر أحسنت وعفا عنه.

قلت: هذه الأبيات قد ذكرها بعضهم في قضية جرت لإنسان مع هشام بن عبد الملك، فأنشده إياها لما تهدده بالقتل، وقد تقدم ذكرها في ترجمة هشام مع اختلاف في ألفاظ يسيرة من هذه الأبيات.

ويحكى أن إسماعيل بن جرير البجلي، كان مداحاً لطاهر المذكور، فقيل له: إنه يسرق الشعر ويمدحك به، فأراد أن يمتحنه في ذلك، وكان طاهر بفرد عين، فأمره أن يهجوه، فامتنع، فألزمه ذلك، فكتب إليه:

رأيتك لا ترى إلا بعين ... وعينك لا ترى إلا قليلاً

فأما إذا أصبت بفرد عين ... فخذ من عينك الأخرى كفيلاً

فقد أيقنت أنك عن قريب ... بظهرالكف تلتمس السبيلا

فلما وقف عليه قال له: احفر أن ينشد هذا أحد، ومزق الورقة، وأخبار طاهر كثيرة، وسيأتي ذكر ولده عبد الله في سنة ثلاثين، وولد ولده في سنة ثلاث مائة.

وحكي: أنه دخل طاهر على المأمون في، فقضاها وبكي، فقال له طاهر: يا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015