ولو أن ما أنفقت من رمل عالج ... لأصبح من جدواك قد نفد الرمل
قال: احسنت والله يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: وهذان البيتان أيضاً مقولان، انشدني غيرهما، ما كنت قائلاً؟ قال: اذن والله أقول أيها الأمير:
وما الناس إلا اثنان صب وباذل ... وإني لذاك الصب، والباذل الفضل
على أن لي مثلاً إذا ذكر الهوى ... وليس لفضل في سماحته مثل
قال: احسنت والله يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: وهذان البيتان أيضاً مذكوران أنشدني غيرهما، ما كنت قائلاً؟ قال: اذن والله أقول أيها الأمير:
حكى الفضل عن يحيى سماحة خالد ... فقاربه التقوى وقاربه البذل
وقام به المعروف شرقاً ومغرباً ... ولم يك للمعروف بعد ولا قبل
قال: احسنت والله يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل ضجرنا من الفضل والفضل أنشدني بيتين على الكنية لا على الاسم، ما كنت قائلاً؟ قال: اذن والله أقول أيها الأمير.
ألا يا أبا العباس يا أوجه الورى ... ويا ملكاً جد الملوك له نمل
إليك يسير الناس شرقاً ومغرباً ... فرادى وأزواجاً كأنهم غل
قال: احسنت والله يا أخا العرب، فمان قال لك الفضل أنشدني بيتين بغير الكنية وبغير الاسم وعلى غير القافية، ما كنت قائلاً؟ قال: اذن والله أقول يا أيها الأمير:
يا جبل الله المنيف الذي ... تسعى إليه في الملمات الورى
تؤم أبوابك طلاب الغنى ... كما يؤم البيت حجاج منى
قال: احسنت والله يا أخا العرب، فإن قال لك الفضل: وهذان البيتان أيضاً مسروقان، انشدني غيرهما، ما كنت قائلاً؟ قال: والله لئن زاد امتحاني الفضل لأقولن أربعة أبيات، ما سبقني إليها عربي ولا أعجمي، ولئن زاد امتحاني لأدخلن قوائم ناقتي هذه في كذا من أم الفضل، ولأرجعن إلى قضاعة خائباً خاسراً، ولا أبالي، قال: فنكس الفضل رأسه ملياً، ثم رفعه وقال: يا أخا العرب أسمعني الأبيات، فقال:
ولائمة لامتك يا فضل في الندى ... فقلت لها هل يقدح اللوم في البحر
أرادت لتنهي الفضل عن بذل ماله ... ومن ذا الذي ينهي السحاب عن القطر
كأن نوال الناس من كل وجهة ... تحدر صوب المزن في مهمة قفر
كأن وقود الناس من كل بلدة ... إلى الفضل، لاقوا عنده ليلة القدر