أسعى برجل منه بالية ... موقودة مني بلا رجل
وإذ ركبت أكون مرتدفاً ... قد أم سرجي راكب مثلي
فامنن علي بما يسكنه ... عني وأهدي الغمد للنصل
فأمر له الرشيد بعشرة آلاف درهم وجارية حسناء بجميع آلاتها، وخادم وبرذون بجميع آلاته. واجتمع يوماً بمحمد بن الحسن الفقيه الحنفي في مجلس الرشيد، فقال الكسائي من يتجر في علم يهدي إليه جميع العلوم، فقال له محمد: ما تقول فيمن سها في سجود السهو؟ هل يسجد مرة أخرى؟ قال الكسائي: لا قال: لم ذا؟ قال: لأن النحاة تقول المصغر لايصغر.
وذكر الخطيب في تاريخ بغداد أن هذه القضية جرت بين محمد بن الحسن المذكو والفراء، وهما ابنا خالة، قال ابن خلكان: وجدت هذه الحكاية على القول الأول في عدة مواضع، والله أعلم بالصواب. رجعنا إلى بقية الحكاية، فقال محمد: فما تقول في تعليق الطلاق أيصح؟ قال: لا يصح قلت يعني لا يصح وقوعه؟ قبل وجود الصفة المعلق عليها؟ قال: لم قال: لأن السيل لا يسبق المطر، وله مع سيبويه وأبي محمد اليزيدي مجالس ومناظرات وسيأتي ذكر بعضها في تراجم أربابها إن شاء الله تعالى. روى الكسائي عن أبي بكر بن عياش وحمزة الزيات وابن عيينة وغيرهم، وروى عن الفراء وأبو عبيد القاسم بن سلام وغيرهما، وتوفي بالري، وكان قد خرج إليها بصحبة هارون الرشيد، وقال السمعاني: وفي ذلك اليوم توفي محمد بن الحسن بالري أيضاً بزيتونة، قرية من قرى الري كذا قال ابن الجوزي في شذور العقود، وقيل إن الكسائي مات بطوس والله أعلم، ويقال إن الرشيد كان يقول: دفنت العربية والفقه بالري. قلت وقد تقدم قول الشافعي: من أراد أن يتبحر في النحو فهو عيال على الكسائي، وإنما قيل له الكسائي لأنه دخل الكوفة وجاء إلى حمزة بن حبيب الزيات، وهو ملتف بكساء، فقال حمزة: من يقرأ؟ فقيل له: صاحب الكساء، فبقي عليه هذا اللقب. وقيل بل أحرم في كساء فنسب إليه، رحمه الله تعلى. وفيها توفى قاضي القضاة وفقيه العصر محمد بن الحسن الكوفي منشأ الشيباني، مولى