سنة سبع وثمانين ومائة

فيها خلعت الروم من الملك السبت ايريني، وهلكت بعد أشهر وأقاموا عليهم تقفور، والروم تزعم أنه من ولد حفصة الغساني الذي تنصر، وكتب تقفور إلى هارون الرشيد من تقفور ملك الروم إلى هارون ملك العرب أما بعد فإن الملكة التي كانت قبلي أقامتك مقام الرخ، وأقامت نفسها مقام البيدق، فحملت إليك من أموالها، ذلك لضعف النساء وحمقهن، فإذا قرأت كتابي فأردد ما حصل قبلك، وافتد نفسك، وإلا فالسيف بيننا وبينك، فلما قرأ الرشيد الكتاب اشتد غضبه وتفرق جلساؤه خوفاً من بادرة تقع منه، ثم كتب بيده على ظهر الكتاب: من هارون أمير المؤمنين إلى تقفور كلب الروم، قرأت كتابك يا ابن الكافرة، والجواب ما تراه دون ما تسمعه، ثم ركب من يومه وأسرع حتى نزل على مدينة هرقلة، وأوطأ الروم ذلاً وبلاءً فقتل وسبى، وذل تقفور وطلب الموادعة على خراج يحمله، فلما رد الرشيد إلى الرقة نقض تقفور العهد، فلم يجسر أحد أن يبلغ الرشيد، حتى عملت الشعر أبياتاً يلوحون بذلك، فقال: او قد فعل بها، فكر راجعاً في شقة الشتاء حتى أناخ بفنائه ونال منه مراده، وفي ذلك يقول أبو العتاهية:

ألا نادت هرقلة بالخراب ... من الملك الموفق للصواب

غدا هارون يرعد بالمنايا ... يبرق بالمذكرة العضاب

ورايات يحل النصر فيها ... تمر كأنها قطع السحاب

وفي السنة المذكورة أو التي قبلها توفي بشر بن المفضل أحد حفاظ البصرة، قال الإمام علي بن المديني: كان يصلي كل يرم أربع مائة ركعة، ويصوم يوماً ويفطر يوماً. وفيها توفي عبد العزيز بن عبد الصمد العمي الحافظ، وعبد العزيزبن محمد الدراوردي المدني، وكان فقيهاً صاحب حديث، وتوفي عبد السلام بن حرب الكوفي الحافظ. وفيها توفي أبو الخطاب السدوسي البصري المكفوف الحافظ، والإمام أبو محمد معتمر بن سليمان بن طرخان التيمي الحافظ أحد شيوخ البصرة. وقال بعضهم: كان عابداً صالحاً حجةً. رفيها توفى معاذ بن مسلم الكوفي النحوي شيخ الكسائي، عاش نحو مائة سنة وفيها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015