إليه موسى بن حازم التيمي في جيش كثيف، فهزمهم الوليد وقتله، فوجه الرشيد معمر بن عيسى العبدي وكانت بينهما وقائع، وكثرت جموع الوليد، فوجه إليه الرشيد يزيد المذكور في عسكر ضخم، فقصده وجعل الوليد يراوغه، وكان ذا مكر ودهاء، وكانت بينهما حروب صعبة ثم بعث الرشيد خيلاً بعد خيل إلى يزيد، وأرسل إليه يعنفه على ترك جده في حربه، فالتقيا ودعاه يزيد إلى المبارزة فبرز إليه الوليد، ووقف العسكران فتطاردا ساعة، ولم يقدر أحداً منهما على صاحبه حتى مضت ساعات من النهار، فأمكنت يزيد فيه الفرصة فضرب رجله، فسقط وضاح بخيله، فبادروا إليه واجتزوا رأسه، فوجه به إلى الرشيد، ورثت الوليد أخته بأبيات تقدمت في ترجمة الوليد في سنة تسع وسبعين ومائة. وروي أن هارون لما جهز يزيد المذكور إلى حرب الوليد أعطاه ذا الفقار سيف النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقال خذه يا يزيد فإنك ستنصر به، فأخذه ومضى، وكان من قتله الوليد ما ذكروا في ذلك يقول مسلم بن الوليد الأنصاري في قصيدة يمدح فيها يزيد المذكور:

أذكرت سيف رسول الله، سنته ... وبأس أول من صلى ومن صاما

يعني بالبأس علي بن أبي طالب رضي الله عنه، اذ كان هو الضارب به. وذكر بعضهم أن ذا الفقار كان مع العاصي بن نبيه في يوم بدر، فقتل هو وأبوه نبيه وعمه منبه ابنا الحجاج، وكانا سيدي بني سهم في الجاهلية، وكانا من المطعمين، وكان الذي قتل العاصي هو علي، فأخذ منه ذا الفقار. وذكر بعضهم أن ذا الفقار كان للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، فأعطاه علياً. وكان سبب وصول السيف المذكور إلى هارون فيما ذكره أبو جعفر الطبري بإسناد متصل أنه تلقاه من أخيه الهادي، والهادي من أبيه المهدي، والمهدي من جعفر بن سليمان العباسي، وجعفر من رجل من التجار، والتاجر من محمد بن عبد الله بن الحسن بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهم، فعه إليه يوم قتل بأربع مائة دينار كانت له عليه وعن الأصمعي قال: رأيت في ذي الفقار ثماني عشرة فقارة. وذكر الخطيب أن الرشيد قال ليزيد من الذي يقول فيك؟:

لا يعبق الطيب كفيه ومفرقه ... ولا تمسح عينيه من العجل

قد عود الطير عادات وثقن بها ... فهن يتبعنه في كل مرتحل

فقال لا أدري يا أمير المؤمنين، فقال يقال فيك مثل هذا ولا تعرف قائله؟! فانصرف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015