فأعادها مملوءة ذهباً، وأنه كان يتخذ لأصحابه الفالوذج، ويعمل فيه الدنانير ليحصل لكل من أكل من أصحابه كثير، وكانت وفاته يوم الخميس منتصف شعبان، ودفن يوم الجمعة بمصر في القرافة الصغرى، وقبره أحد المزارات رحمة الله عليه، وقد أراده المنصور لإمرة مصر، فامتنع.
فيها فتحت مدينة ريسة من أرض الروم، واشتد البلاء والقتل بين القيسية واليمانية في الشام، واستمرت بينهم إحن وأحقاد ودماء يهيجون لأجلها في كل وقت إلى اليوم. وفي السنة المذكورة توفي قاضي بغداد الرشيد أبو عبد الله سعيد بن عبد الرحمن الجمحي المدني، وكان من أولي العلم والصلاح، وتوفي أبو عوانة الوضاح مولى يزيد بن عطاء الواسطي البزار أحد الحفاظ الأعلام. وفيها توفي حماد بن أبي حنيفة، كان على مذهب أبيه، وكان من أهل الصلاح والخير، وكان ابنه إسماعيل قاضي البصرة، فعزل عنها بالقاضي يحيى بن أكثم، فلما وصل يحيى إلى البصرة فسافر إسماعيل نشيعه القاضي يحيى المذكور. وحكى إسماعيل المذكور قال: كان لنا جار طحان رافضي، وكان له بغلان، سمي أحدهما قاتله الله أبا بكر والآخر عمر، فرمح ذات ليلة أحد البغلين فقتله، فأخبر جدي أبو حنيفة به، فقال: انظروا فإني أخال أن البغل الذي سماه عمر هو الذي رمحه، فنظروا، فكان كما قال.
وفيها توفي الولي الكبير السيد الشهير عبد الواحد بن زيد البصري الذي قيل إنه صل الغداة بوضوء العشاء أربعين سنة. وقد ذكرت في كتاب روض الرياحين بعض حكاياته المشتملة على كراماته ومحاسن صفاته.