رباعية وهو ثني أبداً، يعني من الدهاء في قوة الفهم وجوعة النظر، وجعفر المذكور معدود عند الإمامية الاثني عشرية من أئمتهم الاثني عشر، وكل واحد منهم مذكور في موضعه. وفيها توفي الإمام محدث الكوفة وعالمها أبو محمد سليمان بن مهران الأسدي الكاهلي مولاهم الأعمش. روي عن ابن ابي أوفى وأبي وائل والكبار، قال يحيى القطان: هو علامة الإسلام، وقال وكيع: بقي الأعمش قريباً من سبعين سنة لم تفته التكبيرة الأولى. وقال غيره: الأعمش الكوفي الإمام المشهور كان ثقة عالماً فاضلاً، وقال السمعاني كان يقارب بالزهري في الحجاز، ورأى أنس بن مالك رضي الله تعالى عنه، وكلمه لكنه لم يسمع عليه وما يرويه عنه فهو ارسال أخذه عن أصحابه ولقي كبار التابعين. وروى عنه سفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وحفص بن غياث وخلق كثير من جلة العلماء، وكان لطيف الخلق مزاحاً، جاءه أصحاب الحديث يوماً ليسمعوا عليه فخرج إليهم وقال لولا أن في منزلي من هو أبغض إلي منكم ما خرجت إليكم. وجرى بينه وبين زوجته كلام يوماً فدعا رجلاً ليصلح بينهما، فقال لها الرجل: لا تنظرين إلى عموشة عينيه وخموشة ساقيه فإنه إمام وله قدر، فقال له ما أردت إلا أن تعرفها عيوبي، وقال له داود بن عمر الحايك ما تقول في شهادة الحائك؟ فقال تقبل مع عدلين، وعاده جماعة في مرضه، فأطالوا الجلوس عنده، فأخذ وسادته وقام وقال: شفى الله مريضكم بالعافية.
وقيل عنده يوماً: قال صلى الله عليه وآله وسلم: " من نام عن قيام الليل بال الشيطان في أذنه " فقال: ما عمشت عيني إلا من بول الشيطان في أذني. وقال أبو معاوية الضرير بعث إليه هشام بن عبد الملك أن أكتب إلي مناقب عثمان ومساوىء علي، فأخذ الأعمش القرطاس وأدخله في فم شاة فلاكته، وقال للرسول: قل له هذا جوابك، فقال له الرسول: انه قد آلى أن يقتلني إن لم آته بجوابك، وتحمل عليه باخوانه، وقالوا له: يا أبا محمد نجه من القتل، فلما ألحوا عليه كتب: بسم الله الرحمن الرحيم أما بعد فلو كانت لعثمان مناقب أهل الأرض ما نفعتك، ولو كانت لعلي مساوىء أهل الأرض ما ضرتك، فعليك بخويصة نفسك والسلام، وقيل إنه ولد يوم قتل الحسن رضي الله عنه يوم عاشوراء سنة إحدى وستين، رحمة الله عليه