عذبه، فلما مدحه العبسي بهده الأبيات كان قد حصل من قسط يومه سبعين ألف درهم، فأنفذها إليه، فقال اعذرني فقد ترى ما أنا فيه فردها، وقال لم أمدحك لمال وأنت على هذه الحالة ولكن لمعروفك وافضالك، فأنفذها إليه ثانياً، فاقسم عليه لتأخذنها فأخذها، وبلغ ذلك يوسف، فدعاه وقال ما جرأك على فعلك ألم تخش العذاب؟ فقال لئن أموت عذاباً أسهل علي من كفي، لاسيما على من مدحني. وذكر أبو الفرج الأصفهاني أن خالداً كان من ولد شق الكاهن، وذكروا أنه كان شق ابن خالة سطيح الكاهن، وكان شق وسطيح من أعاجيب الدنيا. أما سطيح فكان جسداً ملقى لا جوارح له، وكان وجهه في صدره، ولم يكن له رأس ولا عنق، وكان لا يقدر على الجلوس إلا إذا غضب انتفخ فجلس، وقيل كان يطوى مثل الأديم وينقل من مكان إلى مكان إذا أراد الانتقال، وكان شق نصف إنسان، وكانت له يد واحدة ورجل واحدة، وفتح عليهما في الكهانة ما هو مشهور عنهما، وكان ولادتهما في يوم واحد. وفي ذلك اليوم توفيت ظريفة الكاهنة الحميرية زوجة عمر، ومزيقيا بن عامر ماء السماء. ولما ولد ادعت لكل واحد منهما وتفلت في فيه، وزعمت أنه سيخلفها في كهانتها، ثم ماتت لساعتها ودفتت في الجحفة، وعاش كل واحد من شق وسطيح. وسطيح هو الذي بشر بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقصته في تأويل الرويا مشهورة وذكرها مستوفي في السيرة. وفي السنة المذكورة توفي الكميت الأسدي الشاعر.
فيها سار مروان بن محمد بن مروان من أرمينية إلى دمشق يطلب الأمر لنفسه لما بلغه وفاة يزيد الناقص، فجهز إبراهيم الخليفة أخويه بشراً ومسروراً بالجيش فكسرهما مروان وحبسهما، ثم نزل بمرج دمشق فحاربه سليمان بن هشام بن عبد الملك، ثم انهزم سليمان فعسكر خليفتهم ابن الوليد بظاهر دمشق وبذل الخزائن فخذلوه، فهرب وبايع الناس مروان، فأتاه إبراهيم فخلع نفسه وبايع مروان.