بعت دارك؟! فقال: بل بعت جاري. فأرسلها مثلاً قلت يعني سار لفظه هذا مثلاً لمن باع الدار هرباً من الجار، فيقول ما بعت داري بل بعت جاري أو بعت جاري لا داري. ومن كلام أهل المعرفة الجار قبل الدار أي اعرف جوارك قبل أن تشتري دارك. ودخل أبو الأسود يوماً على عبيد الله بن أبي بكرة نقيع بن الحارث بن كلدة الثقفي، وقيل على المنذر بن جارود، وعليه جبة رثة كان يكثر لبسها، فقال يا أبا الأسود أما تمل لبس هذه الجبة؟ فقال رب مملوك لا يستطاع فراقه، فلما خرج من عنده سير إليه مائة ثوب، فكان ينشد بعد ذلك:
كساني ولم أستكسه فحمدته ... أخ لك يعطيك الجزيل وناصر
وان أحق الناس إن كنت شاكراً ... بشكرك من أعطاك والعرض وافر
ويروى وناصر بالنون وياصر بالياء المثناة، من تحت ولكل واحد منها معنى فمعناه بالنون ظاهر لأنه عن النصرة وبالياء من التعطف والحنو يقال فلان ياصر على فلان إذا كان يعطف عليه ويمن وله أشعار كثيرة فمن ذلك قوله:
وما طلب المعيشة بالتمني ... ولكن ألق دلوك في الدلاء
يجيء بملئهاطوراً وطورا ... يجيء بحمأة وقليل ماء
ومن شعره أيضاً وله ديوان شعر:
صبغت أمية في الدماء أكفنا ... وطوت أمية دوننا دنياها
قلت كأنه يعني بني أمية أوردونا معارك القتال وبخلوا علينا بالمال. ويحكى أنه أصابه فالج فكان يخرج إلى السوق يجر رجله، وكان موسراً ذا عبيد واماء، فقيل له قد أغناك الله سبحانه عن السعي في حاجتك، فلو جلست في بيتك، قال لا ولكني أخرج وأدخل، فيقول الخادم: قد جاء، ويقول الصبي: قد جاء ولو جلست في البيت فبالت الشاة علي ما منعها أحد عني، قلت يحتمل قوله قد جاء معنيين أحدهما الاشارة إلى أنه يجيء بشيء يفرحون به من السوق فيكون في ذلك تجدد فرح لهم بعد فرح، والثاني أنهم يخافون منه فمجيئه يجدد لهم خوفاً بعد خوف ويكون ذلك وسيلة إلى التأدب به والحذرمنه، وآخر كلامه يدل على المعنى الثاني والله أعلم. وحكى خليفة بن خياط أن عبد الله بن عباس كان عاملاً لعلي رضي الله عنهما على البصرة، فلما شخص إلى الحجاز استخلف أبا الأسود عليها، فلم يزل حتى قتل علي رضي الله عنه، وسمع رجلاً يقول من يعشي الجائع؟ فقال: علي به فعشاه، ثم ذهب ليخرج،