القيم وانخفاضها والله سبحانه أعلم. وقال أبو شبيب الصدفي لم يسمع في الإسلام بمثل سبايا موسى بن نصير، وكانت البلاد في قحط شديد فأمر الناس بالصلاة والصوم وإصلاح ذات البين، وخرج بهم إلى الصحراء ومعه سائر الحيوانات، وفرق بينها وبين أولادها، فوقع البكاء والصراخ والضجيج، فأقام على ذلك إلى منتصف النهار، ثم صلى وخطب الناس، ولم يذكر الوليد ابن عبد الملك، فقيل له ألا تدعو لأمير المؤمنين؟ فقال هذا مقام لا يدعى فيه لغير الله عز وجل، فسقوا حتى رووا.

وقتل من البربر خلقاً كثيراً، وسبى سبياً عظيماً، حتى انتهى إلى السوس الذي لايدافعه أحد، ونزل بقية البربر على الطاعة، وطلبوا الأمان، وولي عليهم والياً، واستعمل على طنجة وأعمالها مولاه طارق بن زياد البربري، ومهد البلاد ولم يبق له منازع من البربر ولامن الروم، وترك خلقاً كثيراً من العرب يعلمون البربر القرآن وفرائض الإسلام، فلما تقرر القواعد كتب إلى طارق وهو بطنجة يأمره بغزو بلاد الأندلس في جيش من البربر، ليس فيه من العرب إلا قدر يسير، فامتثل طارق أمره وركب البحرمن سنته إلى الجزيرة الخضراء من الأندلس، وصعد إلى جبل يعرف اليوم بجبل طارق، لأنه نسب إليه لما حصل عليه وذكر عن طارق أنه كان نائماً في المركب وقت التغدية، وأنه رأى النبي صلى الله عليه وآله وسلم والخلفاء الأربعة رضي الله عنهم يمشون على الماء حتى مروا، وبشره رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالفتح، وأمره بالرفق بالمسلمين والوفاء بالعهد. وكان صاحب طليطلة ومعظم بلاد الأندلس ملكاً يقال له الذريق، ولما نزل طارق من الجبل بالجيش الذي معه كتب نائب للذريق يقال له تذمير؛ أنه قد وقع بأرضنا قوم لا ندري من السماء هم أم من الأرض فأقبل الذريق في سبعين ألف فارس ومعه العجل يحتمل الأموال والمتاع، وهو على سريره بين دابتين عليه قبة مكللة بالدر والياقوت والزبرجد. فلما دنا من طارق وعسكره قال طارق لمن معه أين المفر والبحرمن ورائكم والعدو أمامكم فليس عليكم والله إلا الصدق والصبر، وليس لكم وزير إلا سيوفكم، فلما التقوا

طور بواسطة نورين ميديا © 2015