الفقيه سفيان الحضرمي اليمني قرأ شيخنا جمال الدين المذكور على ابن سفيان المذكور كتاب التنبيه، وحقق وبحث ودقق، ثم جمع شيخنا جمال الدين المذكور كتاباً ينتفع به الفقيه بعضه. يتعلق بشرح النبيه، ذا فوائد عديدة، ونكت مفيدة، رأيته يطالعه وقت ما كنت إليه أتردد ولا يظهره في ذلك الوقت لأحد، وفاق في معرفته شيخه وغيره من الفقهاء النجباء، والفضلاء الأدباء، ودرس وكل من طلبته به انتفع، وعرض عليه قضاء عدن، فامتنع، وكان له صوت في قراءة القرآن يهيج من الخليين الأشجان، وألفاظ تعجب من وعاها، وتطرب من رآها، وعبارة تلين القلب القاسي، وخلوات ترغب في مجالسته الناسي، وزهد يسلي من الدنيا كل حريص، ويغلي به في الآخرة كل رخيص، قرأت عليه القرآن الكريم، وصليت به في رمضان إماماً خمس سنين، وقرأت عليه كتاب التنبيه فأولم عند ذلك وليمة كبيرة، وذبح كبشين، وأطعم جماعة كثيرة، وهو أول من انتفعت به، ورأيت بركته من الشيوخ الذين صحبتهم قدس الله أرواحهم، ونور ضريحهم، ورضي عنهم.
والثاني من للشيخين المذكورين شيخنا، وقدوتنا، وسيدنا، وبركتنا الشيخ الكبير، العارف بالله الخبير، خزانة الأسرار، ومطلع الأنوار، الفقيه الناسك، المجذوب السالك، ذو السيرة الجميلة، والمناقب الجليلة، والمحاسن الغالية والمقامات العالية، والأحوال الباهرة، والمكاشفات الظاهرة، والكرامات الخارقة، والأنفاس الصادقة، والمعارف والعلوم الملدتيات، والآداب والأخلاق الرضيات، والتربية في سلوك الطريقة، والجمع بين الشريعة والحقيقة، ذو التخصيص والتمكين، أبو الحسن نور الدين، علي بن عبد الله اليمني الطواشي، نسباً، الشافعي الصوفي مذهباً، قدس الله روحه ونور ضريحه اشتغل رضي الله تعالى عنه بفنون من العلوم حتى في علم الطب، وأكثر اشتغاله بالفقه، وكان الغالب عليه التنسك، وحب الخلوات والانعزال عن المخالطات، وكان يسافر مع أبيه وأخوته، فإذا دخلوا السوق للتجارات، دخل المسجد للعبادات، ملازماً للتلاوة والإذكار وزيارة الأولياء الأخيار، حتى حصل له من بعضهم تعليم الاسم الأعظم، الذي من عرفه يقرب ويكرم، وحصل له مع السلوك جذبة من جذبات الحق، وهيبة جلالية حتى هابته الملوك ذو أحوال عظيمة، وظهور كرامات كريمة، وأفاض عليه الحق من فيض فضله، وملأ قلبه من أنوار. قدسه، وهذبه، وزكاه، وطهره من صفات نفسه، وملأ قلبه وقالبه من أنوار قدسه، وهذبه وزكاه وقربه وأدناه، وبالحياة الطيبة أحياه، وكشف له حجاب الجمال والجلال، وأطلعه على مكنون المعارف والأسرار، وغير ذلك مما لا يعرفه الأعارف بالله مجذوب سالك هو بمكان من المقام العالي، والحال الخطير، والناس يبصرونه ضعيف الجسم متواضعاً في زي فقير، ويحسبونه من جملة الفقراء المشاركين، ولا يدرون ما عنده من جليل الولاية، وعلو المنزلة والتمكين، وفي هذا قلت: