وقد بلغني أن الشيخ الإمام محيي الدين النووي رحمه الله تعالى مدحه، وقال: ما في البلاد أفقه من هذا الشاب، أو نحو ذلك لما رآه، وبلغني أيضاً أن الشيخ محيي الدين المذكور كان يعرض عليه ما يكتبه في كتاب الروضة، حال اختصاره كتاب الإمام أبي القاسم الرافعي، أعني " العزيز " في شرح " الوجيز " للإمام أبي حامد الغزالي قدس الله تعالى أرواح الجميع.

وفي السنة المذكورة توفي قاضي القضاة جمال الدين بن حملة بن يوسف بن إبراهيم الأنصاري، تميز وباحث وأخذ الفقه عن عز الدين الفاروثي، وابن النقيب، وابن الوكيل، وابن الزملكاني، وقرأ النحو، وصار من أعيان الفقهاء، وولي قضاء دمشق وحكم فحمد، وكان ماضي الحكم، ذا هيبة وصولة وشدة وطأة، علي المرتبة، وجرت له أمور، وأوذي، وعزل فالله تعالى يوجره، ثم أعطي تدريس الشامية، وكان شديد البأس على ابن تيمية والمبتدعين، وكان متين الديانة، حسن المعتقد.

وفيها توفي العلامة زين الدين بن المرحل محمد بن عبد الله ابن خطيب دمشق عمر بن مكي القرشي العثماني العبدي الأموي الشافعي تفقه بمصر والشام على عمه الشيخ صدر الدين ابن الوكيل، وعلى الشيخ كمال الدين بن السريشي، وكمال الدين ابن الزملكاني، وتولى هو والشيخ العلامة شمس الدين بن اللبان التدريس في يوم واحد يوم توفي الشيخ صدر الدين المذكور في أواخر سنة ست عشرة وسبع مائة. درس في المجدية فأخذها شمس الدين المذكور، وانتقل هو إلى مشهد الحسين، فدرس فيه سبع سنين، ثم انتقل إلى الشام، ودرس في الشامية الكبرى والعذراوية، ومكث فيها مدرساً ثلاث عشرة سنة، وناب في الحكم عن ابن الأخناي بدمشق، وكان رحمه الله تعالى إماماً عالماً عاملاً بارعاً نظاراً ذكياً وفياً ورعاً زاهداً، لم ير بالشام مثله، ولا مثل عبارته مع طلاقة الوجه، وحسن المحيا رحمه الله تعالى وله مصنفات جليلة، منها كتاب الفوائد في الفرق بين المسائل، ومنها كتاب النظائر، ومنها مختصر الروضة، ومنها في أصول الفقه كتاب التلخيص، وكتاب المخلص، وكتاب الخلاصة، ولم يصنف مثلها فاقت على أصول ابن الحاجب وغيره كذا ذكر بعض أهل الطبقات من الشاميين.

وفيها وقيل: في التي بعدها مات بمصر شيخ الشافعية زين الدين عمر بن أبي الحزم الدمشقي ابن الكنتاني أبو حفص العلامة كبير الشافعية أوحد الأصوليين. تفقه وناظر، ونشأ بدمشق، ثم تحول إلى القاهرة، وكان تام الشكل، حسن الهيئة، جيد الذهن، كثير العلم،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015