للرياسة والتصنع، وفراغ عن الرعونات، وسماحة ومروءة، ورفق وسعة الخلق، وحمل على الرؤوس، وكان لا يدخل حماماً، حدث عن أبي اليسر، والمقداد، وكان عارفاً بالفقه، وله حكايات في مشيه إلى شاهد يؤدي عنده، وإلى خصم فقير، وربما نزل في طريق داريا عن حمار له فحمل عليه حزمة حطب لمسكينة رحمه الله تعالى.
وفيها مات الإمام العلامة ذو الفهم الثاقب، والنظر الصائب، قاضي القضاة، الفقي الشافعي، اليمني أبو بكر بن أحمد بن عمر المعروف بابن الأديب، كان نجيباً بارعاً رأيته في عدن قاضياً فيها، ثم سكن تعز، وجعله السلطان قاضياً للقضاة، وكان عارفاً بالفقه والأصلين. تفقه على إمام الزمن، وبركة اليمن، الفقيه الكبير، الولي الشهير أحمد بن موسى بن عجيل، وعلى الفقيه الإمام العلامة البارع أبي العباس أحمد بن رنبول، بفتح الراء وسكون النون وضم الموحدة اليمنيين وغيرهما، وصار تلميذه الفقيه العلامة نائبه، وقاضي القضاة بعده سلالة البركة، والنور حسن بن أبي السرور اليمني. وكان يقرأ عليه في بعض الفنون، وفي بعضها على القاضي الإمام العلامة شيخنا شرف الدين قاضي عدن، ومفتيها، ومدرسها، ومقريها، وأنا حينئذٍ أكتب القرآن في اللوح نتسابق في الوقت لأجل القراءة على شيخنا المذكور.
فيها توفي سراج الدين عمر بن أحمد بن خضر الأنصاري الخزرجي، الشافعي المفتي، خطيب المدينة الشريفة وقاضيها، ولد سنة ست وثلاثين، ونشأ بالقاهرة، وتفقه بها على الشيخ سديد الدين، وعلى نصير الدين ابن الطباخ، وعلى الشيخ فخر الدين بن طلحة، وسمع الرشيد العطار، وحضر دروس. الإمام عز الدين بن عبد السلام، ودروس قاضي القضاة تقي الدين بن رزين، وله إجازة من المنفري والمرسي والقسطلاني قدم المدينة الشريفة سنة إحدى وثمانين وست مائة، وأقام بها أربعين عاماً قاضياً وخطيباً، ثم تعلل، وسار إلى مصر ليتداوى، فأدركه الموت بالسويس.
وفيها مات ببعلبك شيخها الصدر الكبير قطب الدين موسى ابن الفقيه الشيخ محمد البوسي، صاحب تاريخ سمع وأخبر عن جماعة.
وفيها ماتت المعمرة أمة الرحمن ست الفقهاء بنت الشيخ تقي الدين إبراهيم الواسطي بالصالحية عن ثلاث وتسعين سنة، سمعت وأخبرت عن جمع كثير، وكانت مباركة صالحة، وهي والدة فاطمة بنت الدباسي.