بالله، وخطب شديد، وقدم السلطان، وانضمت إليه جيوشه والحفال، وكان المصاف علم سفحت، فهزم العدو الميمنة، واستشهد رأس الميمنة الحسام أستاذ دار في جماعة أمراء وثبت السلطان كعوائده، ونزل النصر، وشرع التتار في الهزيمة، فتبعهم المسلمون قتلاً وأسراً، ومزقوا كل ممزق، وتخطفهم الناس إلى الفرات، وسلم شطرهم في ضعف شديد وجوع، وحفاء، ووقوف جبل، ثم دخل السلطان والخليفة راكبين، والحمد لله، ومن الشهداء الفقيه إبراهيم بن عبدان، والأمير صلاح الدين ابن الكامل، والأمير علاء الدير الحاكي، والأمير حسام الدين قرمان وغيرهم.

وفي ذي القعدة تزلزلت مصر، وتساقطت الدور، ومات بالإسكندرية تحت الردم نحو المائتين، وكانت آية.

وافتتحت جزيرة أرواد، وأسر من الفرنج نحو خمس مائة.

وفيها توفي عبد الحميد بن أحمد بن حولان البنا.

ومات في القاهرة شيخها وقاضيها شيخ الإسلام تقي الدين أبو الفتح محمد بن علي بن وهب ابن دقيق العيد القشيري الشافعي، صاحب كتاب " الإلمام "، وكتاب " الإمام ". " شرح العمدة " عن سبع وسبعين سنة. يروي عن ابن الحميري وغيره، وكان رأساً في العلم والعمل عديم النظير أجل علماء وقته، وأكبرهم قدراً، وأكثرهم ديناً وعلماً وورعاً واجتهاداً في تحصيل العلم ونشره، والمداومة عليه في ليله ونهاره مع كبر سنه، وشغله بالحكم. ولد بمدينة ينبع من أرض الحجاز في شعبان سنة خمس وعشرين وست مائة، ونشأ بديار مصر، واشتغل أولاً بمذهب مالك، ودرس فيه بمدينة قوص، ثم اختار مذهب الإمام الشافعي، ومال إليه، فاشتغل به وتبحر فيه حتى بلغ فيه الغاية دارية ورواية، وحفظاً، واستدلالاً، وتقليداً، واستقلالاً حتى قيل إنه آخر المجتهدين، وبرع في علوم كثيرة لا سيما في علم الحديث. فاق فيه على أقرانه، وبرز على أهل زمانه، ورحل إليه الطلبة من الآفاق، ووقع على علمه وزهده وورعه الاتفاق - رحمه الله تعالى -، وكان له اعتقاد حسن في المشائخ، وأهل الصلاح حتى بلغني أنه كان يزور بعض المشائخ، فإذا بلغ إلى بابه نزل عن البغلة، ونزع الطيلسان والعمامة، ودخل عليه بطاقية على رأسه، وإنه شكا إلى بعض الفقراء من أرباب القلوب، وسوسة يجدها في الصلاة، فقال له: أفٍ لقلب يكون فيه غير الله فقال ابن دقيق: العيد، وقد ذكر هذا الفقير المذكور هو عندي خير من ألف فقيه.

ومن المشهور أنه ركبته ديون كثيرة، ولم يجد لها وفاء، فرحل إلى الشيخ الكبير ذي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015