وأكل بكفه ناسياً لما أوصاه به من ترك فتحها إلى بلاده، فلما فرغ من الأكل ذكر ما أوصاه به، ونظر إلى يده، فإذا السلعة التي كانت فيها قد ذهبت، ولم يزل رضي الله تعالى عنه مع ما هو متصف به من مشاهدات الأنوار والإطلاع على الأسرار يشغل الطلبة بالعلوم بالليل والنهار، حتى بمقامات الحريري على ما بلغني، وأصله من عرب يقال لهم: المعازبة بالعين المهملة قبل الألف، وبعدها زاي وموحدة قبل الهاء يسكنون قريباً من زبيد، وإلى انتسابه إليهم، وحسن سيرته وأدبه أشرت بقولي في بعض قصائدي عند الغزل لشيوخ اليمن وعادتي أجمعه مع الفقيه الإمام الولي الكبير الرفيع المقام إسماعيل بن محمد الحضرمي المتقدم ذكره في سنة ست وسبعين، حيث قلت مشيرا أيضاً إلى مسكن الحضرمي ودلاله وحلاله:

وجود في الضحى أضحت بحسن ... زها تختال فاقت للغواني

كجود للمعازبة اعتراها ... حصان في حيا حسن رزان

وكم من جوهر صادفته في ... حقير من جناد صدف صان

وفي أخرى تشتمل على ذكر مائة شيخ من أكابر الأولياء المشهورين الأفراد في اليمن وغيره من أقطاب البلاد. تنيف على ثلاث مائة بيت في التعداد. قلت: أيضاً مشيراً إليهما:

أنا راسماً مجد المعالم والعلى ... وصار أهدى للحائر المتردد

وليان كل كم له من كرامة ... عليان كل في مقام مشيد

خليلان كل صادق في وداده ... جليلان كل في ردا المجد مرتد

ذوا مجد أكرام الولاية معلماً ... بنور الهدى يزهو به كل مسعد

هما الحضرمي نجل الولي محمد ... إمام الهدى نجل الإمام الممجد

له خطب كم ذللت ثم عللت ... عنايات فضل ليس تدرك باليد

مدل ومجوب وفي كلفة العنا ... عظيم كرامات وجاه وسؤدد

ومن جاهه أومى إلى الشمس أن قفي ... فلم تمشي حتى أنزلوه بمقصد

ونجل عجيل كم مواهب عجلت ... له وسعادات ومجد مجدد

نحلي حلا يزهو الوجود بحسنها ... ويرفل في ثوب الجمال المنجد

كان حلاه حلة الشمس معلم ... بهاها على كم الزمان بعسجد

مشى سيرة محمودة لا يسيرها ... سوى كل صديق بحفظ مؤيد

عظيم كرامات عزيز وجودها ... بها شهرة كانت لذكر معدد

هو القمر الثاني البهي ليت نظرة ... إلى بحر حسن في الدجى متهجد

وفي أخرى أيضاً موسومة بباهية المحيا في مدح الشيوخ الأصفياء، والرد على بعض

طور بواسطة نورين ميديا © 2015