على المقامات ناصر السنة، ومعتمد الفتاوى الشيخ محيي الدين النواوي يحيى بن شرف بن مري بن حسن الشافعي مؤلف الروضة والمنهاج والمناسك، وتهذيب الأسماء واللغات، وشرح صحيح مسلم، وشرح المهذب، وكتاب التبيان، وكتاب الإرشاد، وكتاب اليسير والتقريب، وكتاب رياض الصالحين، وكتاب الأذكار كتاب الأربعين، وكتاب طبقات الفقهاء الشافعية، اختصره من كتاب ابن صلاح، وزاد عليه أسماء نبه عليها، وغير ذلك مما اشتهر في سائر الجهات، وظهر به النفع والبركات.

قال بعض المؤرخين وأهل الطبقات: ولد سنة إحدى وثلاثين وست مائة، في العشر الأوسط من المحرم، وقدم دمشق في سنة تسع وأربعين، وقرأ التنبيه في أربعة أشهر ونصف، وحفظ ربع المهذب في بقية السنة، ومكث قريباً من سنتين لا يضع جنبه على الأرض، وكان يقرأ في اليوم اثني عشر درساً على المشائخ شرحاً وتصحيحاً في المهذب، والوسيط والجمع بين الصحيحين، وصحيح مسلم وأسماء الرجال، " واللمع " لأبي إسحاق في أصول الفقه، " واللمع " لابن جني في النحو وإصلاح المنطق لابن السكيت في التصريف، والمنتخب في أصول الفقه وكتاب آخر في الأصول لم يسموه، وكان له في الوسيط درسان.

حكوا عنه أنه قال: عزمت مرة على الاشتغال بالطب، فاشتريت القانون، فأظلم على قلبي، وبقيت أياماً لا أشتغل بشيء فتفكرت، فإذا هو من القانون، فبعته في الحال. قالوا: وكان لا يدخل الحمام، ولا يكل من فواكه دمشق، ولا يأكل في اليوم والليلة سوى أكلة بعد العشاء، ولا يشرب شربة إلا في وقت السحر، وكان كثير السهر في العبادة والتلاوة والتصيف. صابراً على خشونة العيش والورع الذي لم يبلغنا عن أحد في زمانه ولا قبله، وكان نزوله في المدرسة الرواحية.

قلت: وسمعت من غير وأحد أنه إنما اختار النزول بها على غيرها لحلها إذا هي من بناء بعض التجار. قالوا: وحفظ التنبيه في سنة خمسين وست مائة، وحج مع أبيه سنة إحدى وخمسين، وذكر والده أنه حم من حين خروجه من بلده إلى يوم عرفة، فما تأوه ولا تفجر، ولزم الاشتغال ليلاً ونهاراً حتى فاق الأقران، وتقدم على جميع الطلبة، وحاز قصب السبق في العلم والعمل، ثم أخذ في التصنيف من حدود الستين وست مائة إلى أن مات.

وسمع الكثير من القاضي الرضي بن برهان الدين ابن خالك، وشيخ الشيوخ عبد العزيز الحموي، وجماعة منهم شيخه الكمال، وإسحاق بن أحمد المغربي، وسمع صحيحي

طور بواسطة نورين ميديا © 2015