مصرع الملك المظفر، فصادفوا على حمص الأشرف صاحب حمص والمنصورصاحب حماة، وحسام الدين في ألف وأربع مائة والتتار في ستة آلاف، فالتقوهم، وحمل المسلمون حملة صادقة، وكان النصر والحمد لله، ووضعوا السيف في الكفار قتلاًحتىأبادوا أكثرهم وهرب مقدمهم بأسوأ حال، ولم يقتل من المسلمين سوى رجل واحد، ودخل علم الدين الحلبي الملقب بالملك المجاهد قلعة دمشق، فنازله عسكر مصر، فبرز إليهم وقاتلهم، ثم رد فلما كان في الليل هرب، وقصد قلعة بعلبك، فقضى بها فقبض عليه علاء الدين الوزيري، وقيده، ثم حبسه الملك الظاهر مدة طويلة.
وفي رجب منها بويع بمصر المستنصر بالله أحمد بن الظاهرمحمد بن الناصرلدين العباسي الأسود، وفوض الأمور إلى الملك الظاهر، ثم قدما دمشق، فعزل عن القضاءنجم الدين بن سني الدولة، وولي مكانه الإمام العلامة أبو العباس ابن خلكان، ثم سار المستنصر ليأخذ بغداد ويقيم بها، فوقعت بينه وبين التتار الذين في العراق مصاف، فعدم المستنصر في الوقعة.
وفيها توفي الإمام القدوة الحافظ العارف سيف الدين أبو المعالي سعيد بن المظفرالباخرزي صاحب الشيخ نجم الدين الكبري، وكان إمامًافي السنةرأسًافي التصوف. وفيها توفي الملك الظاهر غازي شقيق السلطان الملك الناصر، يوسف وأمهما تركية كان شجاعاًجوادًا، قتل مع أخيه بين يدي الطاغية الكافر ملك التتار.
وفيها توفي ابن سيدالناس الخطيب الحافظ محمدبن أحمد الإشبيلي، وعني بالحديث، فأكثر وحصل الأصول النفيسة، وختم به معرفة الحديث بالمغرب. توفي بتونس في رجب.
وفيهاتوفي الملك الناصرصلاح الدين يوسف بن العزيز بن الظاهرابن السلطان الملك الناصر صلاح الدين ابن أيوب سلطنوه بعد أبيه، وهو ابن سبع سنين، ودبر المملكةشمس الدين لؤلؤ، والأمر كله راجع إلى جدته الصاحبة صفية ابنة العادل أخت الملك الكامل لأجل هذا سكت عنها، فلما ماتت استقل واشتغل عنه بعمه الملك الصالح، وعمره إذ ذاك نحو أربع عشرة سنة، ثم أخذ عسكره له حمص، ثم سارهو، وتملك دمشق، ودخل بابنةالسلطان علاء الدين صاحب الروم، وكان حكيمًا جوادًا موطأ الأكناف، حسن الأخلاق فيه بعض عدل مع ملابسة الفواحش على ما قيل، وكان للشعراء دولة في أيامه لأنه كان يقول