الملك الكامل على القبض عليه، فهرب إلى سنجار، فنهبوا خزائنه، فسار إليه لؤلؤ صاحب الموصل وحاصره، فحلق الصالح لحية وزيره، وقاضي بلده بدر الدين السنجاري طوعًا ودلاه من السور ليلاً، فذهب واجتمع بالخوارزمية، وشرط بهم كلما أرادوا، فساقوا من حران، وبيتوا لؤلؤاً، فنجا بنفسه على فرس النوبة، وانتهبوا عسكره واستغنوا.
وفيها توفي الملك الأشرف صاحب دمشق موسى ابن الملك العادل،، وتسلطن بعده أخوه الصالح إسماعيل فسار الملك، وقدم دمشق فأخذها بعد محاصرة وشدة، وذهب الصالح إسماعيل إلى بعلبك.
ولما دخل الملك الكامل دمشق، ونزل في قلعتها المعروفة بقن القلندرية والحيدرية وتمرض ومات بعد شهرين، فتملك بعده بدمشق ابن أخيه الملك الجواد وبمصر ابنه العادل وملك ملك الأشرف نصيبين وسنجار، ومعظم بلاد الجزيرة وغيرها، وأول شيء تملك من البلاد مدينة الرحا، ثم حران.
ولما توفي أخوه الملك الأوحد صاحب خلاط ونواحيها، أخذ الملك الأشرف مملكته مضافًا إلى مملكته، فاتسع ملكه، وبسط العدل على الناس، وأحسن إليه احساناً لم يعهدوه ممن قبله، وعظم وقعته في قلوب الناس، وبعد صيته، وكان قد ملك نصيبين، وأخذ سنجار، ومعظم بلاد الجزيرة.
ولما أخذت الفرنج دمياط في سنة عشر وست مائة، وتوجهت جماعة من ملوك الشام إلى الديار المصرية لاتحاد الملك الكامل، وتأخر عنه الملك الأشرف لمنافرة كانت بينهما، فجاءه أخوه الملك المعظم وأرضاه، ولم يزل يلاطفه حتى استصحبه معه، فانتصر المسلمون على الفرنج، وانتزعوا دمياط من أيديهم عقب وصوله إليها، وكانوا يرون ذلك بسبب يمن عزته.
ولما مات الملك المعظم، وتولى ولده الملك الناصر، قصده عمه الملك الكامل من الديار المصرية ليأخذ دمشق، فاستنجد عمه الملك، فحصل الاتفاق على تسليم دمشق إلى الملك الأشرف، ويكون للملك الكامل الناصر الكرك والشويك ونابلس ونيسان، وتلك النواحي، وينزل الملك الأشرف عن حران، والرحا، وسروج والرقة، ورأس عين، وتسلمها إلى الملك الكامل، فأقام الملك الأشرف بدمشق.
ثم جرت أمور يطول ذكرها، ووقعت وحشة بين الكامل والأشرف، ووافقت الملوك بأسرها الملك الأشرف، وتعاهد هو، وصاحب الروم، وصاحب حلب، وصاحب حماة.