له معاوية: والله يا أحنف ما أذكر يوم صفين إلا كانت حزارة في قلبي إلى يوم القيامه. وقال له الأحنف: والله يا معاوية إن القلوب التي أبغضناك بها لفي صدورنا، وإن السيوف اك قاتلناك بها لفي أغمادنا، وإن تدن من الحرب فتدانونا منها شبراً، وإن تمش إليها نهرول نحوها، او قال إليها، ثم قام وخرج. وكانت أخت معاوية من وراء الحجاب تسمع كلامه، فقالت: يا أمير المؤمنين من هذا الذي يتهدد ويتوعد؟ فقال: هذا الذي إذا غضب غضب لغضبه مائة ألف فارس من بني تميم، لا يدرون فيهم غضب. وروي أن معاوية لما نصب ولده يزيد في ولاية العهد، اقعده في قبة حمراء، فجعل الناس يسلمون على معاوية: ثم يميلون إلى يزيد، حتى جاء رجل ففعل ذلك ثم رجع إلى معاوية، فقال: يا أمير المؤمنين لو لم تول هذا أمور المسلمين لأضعتها. والأحنف بن قيس جالس. فقال له معاوية: ما بالك لا تقول يا أبا بحر؟ فقال: اخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت، فقال له معاوية: جزاك الله خيراً عن الطاعة وأمر له بألوف، فلما خرج لقيه ذلك الرجل، فقال: يا أبا بحر إني لأعلم كذا وكذا وذم يزيد ولكنهم قد استوثقوا من هذه الأموال بالأبواب والاقفال فليس يطمع في استخراجها إلا بما سمعت، فقال الأحنف: ان ذ الوجهين خليق أن لا يكون عند الله وجهياً، او قال: لا يكون له عند الله وجه. وقال الأحنف كثرة الضحك تذهب الهيبة، وكثرة المزاح تذهب المروة، من لزم شيئاً عرف به، قلت كلامه هذا من الحكمة الغريبة، وذمه كثرة الضحك مع تلقيه بالضحاك دليل على أنه لقب معروف يعرف به لا صفة متصف بها. وسئل عن الحلم ما هو؟ فقاك: العفو عن الذل مع الصبر، وكان يقول إذا عجب الناس من حلمه. اني لأجد ما تجدون ولكني صبور، وقال: ما تعلمت الحلم إلا من قيس بن عاصم المنقري. قيل: وما بلغ من حلمه؟ قال: قتل ابن أخ له بعض بنيه فأتي بالقاتل مكتوفاً يقاد إليه، قال: ذعرتم الفتى: ثم أقبل عليه، وقال: يا بني بئس ما صنعت نقصت عددك وأوهنت عضدك وأشمت عدوك وأسأت بقومك. خلوا سبيله، واحملوا إلى أم المقتول ديته فإنها غريبة. فانصرف القاتل، وما حل قيس حبوته ولا تغير وجهه، قلت وقيس هذا هو الذي قال الشاعر في مرثيته: شعراً.

فما كان قيسى هلكه هلك واحد ... ولكنه بنيان قوم تهدما

وروي أنه دخل الأحنف بن قيس على أمير العراق في زمانه، وجلس معه على سريره، فغضب الأمير من ذلك، فقال الأحنف عجباً لمن يغسل القذرة بيده كل يوم مرتين، كيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015