أخيه الأشرف، فأعطاه الأشرف حران والرقة والرهاء وغير ذلك، فتوجه إلى الشرق ليتسلم ذلك، ثم حاصر الأشرف بعلبك، فأخذها من الأمجد.

وفيها توفي مسند الشام أبو القاسم شمس الدين الحسين بن هبة الله بن محفوظ الثعلبي الدمشقي.

وفيها توفيت أمة الله بنت أحمد بن عبد الله الآبنوسي، روت الكثير عن أبيها، وتفردت عنه، وتوفيت في الحرم، وتلقبت شرف النساء كانت صالحة خيرة.

وفيها توفي ياقوت الرومي الحموي، ثم البغدادي التاجر شهاب الدين الأديب الإخباري صاحب التصانيف الأدبية في التاريخ والأنساب والبلدان وغير ذلك، أسر من بلاده صغيرًا فابتاعه ببغداد رجل تاجر، ولما كبر ياقوت المذكور، قرأ شيئًا من النحو واللغة، وشغله مولاه بالأسفار في متاجرة، ثم جرت بينه وبين مولاه قضية أوجبت عتقه، فأبعده عنه فاشتغل بالنسخ، وحصلت له بالمطالعة فوائد. وصنف كتابًا سماه إرشاد الألباء إلى معرفة الأدباء في أربع مجلدات، وكتابًا في أخبار الشعراء المتأخرين والقدماء، وكتبًا أخرى عديدة، وكانت له همة عالية في تحصيل المعارف.

وذكر القاضي الأكرم أبو الحسن علي بن يوسف الشيباني وزير صاحب حلب ياقوت المذكور، كتب إليه رسالة من الموصل عند وصوله إليها يصف فيها حاله وما جرى له، فأحجم عن عرضها على مولاه الشريف إعظاما وتهيبًا، وفرارًا من قصورها عن طوله وتجنبًا، إلى أن وقف عليها جماعة من منتحلي صناعة النظم والنثر فوجدهم مسارعين، إلى كتبها، متهافتين على نقلها وما يشك أن محاسن مالك الرق حلتها، وفي أعلى درج الإحسان أحلتها، فشجعه ذلك على عرضها على مولاه، وللآراء علوها في تصفحها، والصفح عن زللها، فليس كل من لمس درهمًا صيرفيًا. ولا كل من اقتنى دراً جوهريًا.

قلت: وهذه الألفاظ اليسيرة من أولها رأيت كتابتها ليتعجب من بلاغتها من وقف عليها: بسم الله الرحمن الرحيم، أدام الله على العلم وأهليه، والإسلام وبنيه، ما سوغهم وحباهم، ومنحهم وأعطاهم، من سبوغ ظل المولى الوزير، أعز الله أنصاره، وضاعف مجده واقتداره، ونصر ألويته وأعلامه، وأجرى باجراء الأرزاق في الآفاق أقلامه، وأطال بقاءه، ورفع إلى أعلى عليين علاه، في نعمة لا يبلى جديدها، ولا يحصى عدها ولا عديدها، ولا ينتهي إلى غاية مديدها، ولا يقل حديدها ولا جديدها، ولا يقل وادها ولا وديدها، وأدام

طور بواسطة نورين ميديا © 2015