فيها جاء الخبر إلى السلطان جلال الدين، وهو بتوريز أن التتار قد قصدوا أصفهان وبها أهله، فسار إليها وتأهب للملتقى، فلما التقى الجمعان وحد له أخوه غياث الدين وولي، فكسرت ميمنته ميسرة التتار، ثم حملت ميسرته على ميمنة التتار، فطحنتها أيضاً وتباشر الناس بالنصر، ثم كرت التتار مع كمينها، وحملوا حملة واحدة كالسيل، وقد أقبل الليل، فزلت الأقدام، وقتلت الأمراء، واشتد القتال، وتزعزع بنيان جيش جلال الدين، وثبت هو في طائفة يسيرة، وأحيط به، فانهزم وطعن طعنه لولا الأجل لتلف وتمزق جيشه إلى أن ميمنته سارت على ميسرة التتار حتى، ولوا فتبعت أقفيتهم، وما رجعت إلا بعد يومين، فلم يسمع بمثل ذلك في الملاحم من انهزام كلا الفريقين، وذلك في رمضان.
وقيل ذلك بأيام مات طاغية التتار وسلطانهم الأعظم الذي خرب البلاد وأفنى البرايا، وأباد، وهو الذي جيش الجيوش، وخرج بهم من بادية الصين، ودانت له المغل، وعقدوا له عليهم، وأطاعوه، ولا طاعة الأبرار للملك الجبار، واسمه قيل الملك تمرجين بالمثناة من فوق والراء والجيم والمثناة من تحت والنون، ومات على الكفر، وكان من دهاة العالم، وأفراد الدهر، وعقلاء الترك وهو أحد ابني العم بركة وهولاكو.
وفيها توفي قاضي القضاة ابن السكري عماد الدين عبد الرحمن بن علي المصري الشافعي، تفقه على شهاب الطوسي، وبرع في المذهب، ودرس وأفتى ولي قضاء القاهرة وخطابتها.
وفيها توفي الملك المعظم سلطان الشام شرف الدين عيسى ابن الملك العادل الفقيه الأديب، ولد بالقاهرة، وحفظ القرآن، وبرع في الفقه وشرح الجامع الكبير في عدة مجلدات باعانة غيره، ولازم الاشتغال زمانًا، وسمع المسند كله من مسند أحمد بن حنبل مراراً، ثم تلاحق مماليكه بعد، وكان حنفي المذهب، قال ابن خلكان: كان متعصبًا لمذهبه وله فيه مشاركة حسنة، ولم يكن في بني أيوب حنفي سواه، وتبعه أولاده، وكان قد حج، ومدحه جماعة من الشعراء المجيدين، فأحسنوا في مدحه، وكانت له رغبة في فن الأدب، وقيل: إنه قد شرط لكل من يحفظ المفصل للزمخشري مائة دينار، وخلعة، فحفظه لهذا السبب جماعة. قال: ورأيت بعضهم بدمشق، والناس يقولون إن سبب حفظهم له كان هذا قال: ولم أسمع بمثل هذه المنقبة لغيره، وكانت مملكته متسعة يعني في بلاد الشام توفي يوم