اشارة إلى الإخوة الثلاثة قلت: وما ألطف هذه الإشارة، وأظرف هذه العبارة: وحسن سهولة هذا النظم وعذوبته، وأشار بعيسى إلى الملك المعظم، وبموسى إلى الملك الأشرف، وبمحمد إلى الملك الكامل وحسن مطابقة الحال أن عيسى وموسى المذكورين كانا في خدمة محمد، ومتابعة طاعته، وتبجيله، واحترامه كذلك موسى وعيسى صلوات الله على نبينا وعليهما لم يزالا في تبجيل محمد صلى الله عليه وآله وسلم واحترامه، فلو كانا حيين ما وسعهما إلا متابعته كما ورد في الحديث وجاءت في هذه المطابقة أعظم تبكيت للفرنج الحاضرين بل لليهود والنصارى أجمعين، فلما أحسن هذا الاتفاق العجيب والمعنى الغريب.
وفيها توفى الشيخ الكبير السيد الشهير ذو المعارف والأسرار واللطائف والأنوار والمقامات العليات، والأحوال السنيات، والأنفاس الصادقات والكرامات الخارقات والقدر الجليل، والعطاء الجزيل، المحقق، المحدث قدوة المحدثين، وإمام السالكين ناصر السنه نجم الدين البكري، رحل إلى الأقطار وتنقل في الأمصار، ورأى المشائخ الجلة الكرام، وحج بيت الله الحرام راكبًا وماشيًا، وفضله لا يزال يسمو في الأيام فاشيًا. سمع الحديث والأخبار والتفاسير والاثار عمن لا يحصى كثرة، ولبس خرقة الأصل من يد الشيخ العارف أبي الحسن إسماعيل القصري، عن محمد بن مانكيل، عن داؤد بن محمد المعروف بخادم الفقراء، عن العباس بن إبن إدريس، عن أبي القاسم بن رمضان، عن أبي يعقوب الطبري، عن عبد الله بن عثمان، عن أبي يعقوب النهرجورفي، عن أبي يعقوب السوسي، عن عبد الواحد بن زيد، عن كميل بن زياد، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ولبس خرقة البترك من الشيخ أبي ياسر عمار بن ياسر التدليسي، عن الشيخ أبي النجيب عبد القاهر بن عبد الله السهروردي، عن أبيه، عن عمه عمر بن محمد، عن أبيه محمد بن عمويه، عن أحمد بن سبا، عن ممشاد الدينوري، عن أبي القاسم الجنيد، عن خاله السري السقطي، عن معروف الكرخي، عن داؤد الطائي، عن الحبيب العجمي، عن الحسن البصري، عن علي رضي الله تعالى عنه عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، واختلف في تسمية الشيخ نجم الدين الكبري فقال بعضهم: هو الكبرى مقصور وقال آخرون هو ممدود مفتوح الموحدة أي هو نجم الكبرى جمع تكسير الكبير قالوا والصحيح هو الأول ووجه صحته على ما ذكروا أنه كان أيام صباه شديد الذكاء فطنًا لم يلق مؤدبه إلى أقرانه في المكتب شيئًا من المشكلات إلا سبقهم بثاقب ذهنه، فلقبوه الطامة الكبرى، ثم غلب عليه ذلك اللقب، فحذفوا الطامة ولقبوه بالكبرى وهو وجه صحيح