وغير ذلك، ورجع بسببه خلق كثير من الطائفة الكرامية وغيرهم إلى مذهب أهل السنة كان يلقب بهراة شيخ الإسلام، وكان مبدأ اشتغاله على والده إلى أن مات، ثم قصد الكمال السمناني بالسين المهملة والنون مكررة قبل الألف وبعدها، واشتغل عليه مدة، ثم عاد إلى الري، واشتغل على المجد الجيلي صاحب محمد بن يحيى الفقيه أحد تلامذة الإمام حجة الإسلام أبي حامد الغزالي، ولما طلب المجد إلى مراغة ليدرس بها صحبه وقرأ عليه مدة طويلة علم الكلام والحكمة، ويقال: إنه كان يحفظ الشامل لإمام الحرمين في أصول الدين والمستصفى في أصول الفقه للغزالي وكذا المعتمد لأبي الحسين البصري، ثم قصد خوارزم وقد تمهر في العلوم فجرى بينه وبين أهلها كلام فيما يرجع إلى المذهب والاعتقاد، فأخرج من البلد، فقصد ما وراء النهر، فجرى له أيضا هنالك كذلك، فعاد إلى الري، وكان بها طبيب حاذق له ثروة ونعمة، وكان للطبيب ابنتان، ولفخر الدين ابنان، فمرض الطبيب، وأيقن بالموت، فزوج ابنتيه لولدي فخر الدين، ومات الطبيب، فاستولى فخر الدين على جميع أمواله، كذا قاله ابن خلكان قلت: وعلى تقدير صحة ذلك يحمل على استيلاء شرعي من نحو وصاية أو وكالة قال: ولازم الأسفار، وعامل شهاب الدين الغوري صاحب غزنة بالغين المعجمة والزاي والنون في جملة من المال، ثم مضى إليه لاستيفائه منه، فبالغ في إكرامه والإنعام عليه، وحصل له من جهته مال طائل، وعاد إلى خراسان، واتصل بالسلطان محمد المعروف بخوارزم شاه، فحظي عنده، ونال أسمى المراتب، ولم يبلغ أحمد منزلته عنده، ولما قدم إلى هراة نال من الدولة إكرامًا عظيمًا، فاشتد ذلك على الكرامية، فاجتمع يومًا مع القاضي مجد الدين ابن القدوة، فتناظر ثم استطال فخر الدين علي ابن القدوة، ونال منه وأهانه فعظم ذلك على الكرامية، وثاروا من كل ناحية، فقامت بينهم فتنة فأمر السلطان الجند بتسكينها وذلك في سنة خمس وتسعين وخمس مائة ولم يزل بينه وبين الكرامية السيف الأحمر، فينال منهم وينالون منه سبًا وتكفيرًا حتى قيل إنهم سموه فمات من ذلك، وكان موته بهراة يوم الاثنين يوم عيد الفطر من السنة المذكورة رحمه الله تعالى.

ومناقبه أكثر من أن تحصر به وتعد وفضائله لا تحصى ولا تحد.

وكان له مع ما جمع من العلوم شيء من الكلام المنظوم، ومن ذلك قوله:

نهاية إقدام العقول عقال ... وأكثر سعي العالمين ضلال

طور بواسطة نورين ميديا © 2015