تخترع الأفكار وتفترع الأبكار، وتطلع الأنوار وتبدع الازهار، وهو ضابط الملك بآرائه ورابط السلك بآلآئه، أن شاء أنشأ في يوم واحد بل في ساعة ما لو دون لكان لأهل الصناعة خير بضاعة. أين قس في فصاحته؟! وأين قيس في مقام حصافته؟! وأين حاتم وعمرو في سماحته وحماسته؟! وأطال القول فيما سمت به مدائحه. فالله تعالى يسامحنا ويسامحه. وذكر له رسالة لطيفة كتبها إلى صلاح الدين من جملتها: أدام الله السلطان الملك وثبته، وتقبل عمله بقبول صالح وأنبته، وأرغم أنف عدوه بسيفه وكتبه، خدمة المملوك هذه واردة على يد خطيب عيذاب لما نابه المنزل عنها وقل عليه الموفق فيها. وسمع بهذه الفتوحات التي طبق الأرض ذكرها، ووجب على أهلها شكرها. هاجر من هجر عيذاب وملحا سارياً في ليلة أمل كلها نهار، فلا يسأل عن صحبها، وقد
رغب في خطابة الكرك وهو خطيب - وتوسل بالمملوك في هذا الملتمس - وهو قريب - وبرع من مصر إلى الشام ومن عيذاب إلى الكرك وهذا عجيب - والفقر سائق عنيف، والمذكور خامل لطيف، والسلام. ومن رسالة له في قلعة شاهقة يقال إنها قلعة كوكب قال: وهذه العلقة عقاب في عقاب، ونجم في سحاب، وهامة لها الغمامة عمامة ذائلة إذا حصنها - الأصيل كان الهلال لها قلامة. وله في النظم أشياء حسنة منها ما أنشده عند وصوله إلى الفرات في خدمة السلطان صلاح الدين يتشوق إلى نيل مصر: في خطابة الكرك وهو خطيب - وتوسل بالمملوك في هذا الملتمس - وهو قريب - وبرع من مصر إلى الشام ومن عيذاب إلى الكرك وهذا عجيب - والفقر سائق عنيف، والمذكور خامل لطيف، والسلام. ومن رسالة له في قلعة شاهقة يقال إنها قلعة كوكب قال: وهذه العلقة عقاب في عقاب، ونجم في سحاب، وهامة لها الغمامة عمامة ذائلة إذا حصنها - الأصيل كان الهلال لها قلامة. وله في النظم أشياء حسنة منها ما أنشده عند وصوله إلى الفرات في خدمة السلطان صلاح الدين يتشوق إلى نيل مصر:
بالله قل للنيل عني أنني ... لم أشف من الفرات غليل
وسل الفؤاد فإنه لي شاهد ... إن كان جفني بالدموع بخيلا
يا قلب كم خلقت ثم بثينة ... وأعيذ صبرك أن يكون جميلا
قلت: وهذا البيت رمز فيه رمزاً أشار فيه إلى ما كان بين بثينة وجميل من الحب وهيمان جميل بها، وإعاذته بالله من أن يكون متصفاً بما اتصف به جميل من الهيمان وفرط الحب الذي لا يقوى عليه إنسان، واستعار ذلك لما في قلبه من المحبة للنيل. ومنها قوله:
إذا السعادة لاحظتك عيونها ... ثم المخاوف كلهن أمان
واصطد بها العنقاء فهي حبالة ... وافتل بها الجوزاء وهي عنان
قلت والظاهر أن قوله: وافتل - بالفاء والمثناة من فوق - من فتل العنان.