وما خضب الناس البياض لقبحه ... فأقبح منه حين يظهر ناضله
ولكنه مات الشباب فسودت ... على الرسم من حزن عليه منازله
فكان يمسك بكريمته وبنظر إليها ويقول: إي والله، مات الشباب. وأرسل إليه بعض الشعراء بقصيدتين من بغداد، قال في آخر إحداهما:
يا سلم، إن ضاعت عهودي عندكم ... فأنا الذي استودعت غير أمين
أوعدت مغبوناً فما أنا في الهوى ... لكم بأول عاشق مغبون
ومن البلية أن تكون مطالبي ... جدوى نخيل أو وفاء خؤون
ليت الظنين على المحب بوصله ... أخذ السماحة من صلاح الدين
ومما قيل فيه لبعض شعراء المشرق.
الله أكبر جاء القوس باريها ... ورام أسهم دين الله راميها
فكم لمصر على الأمصار من شرف ... بيوسفين وهل أرض تدانيها؟
فبابن يعقوب هزت جيدها طرباً ... وبابن أيوب هزت عطفهاتيها
قل للملوك تخلي عن ممالكها ... فقد أتى آخذ الدنيا ومعطيها
فلما أنشده إياها أعطاه ألف دينار. ومدحه المهذب أبوحفص عمر بن محمد المعروف بابن الشحنة الموصلي الشاعر المشهور بقصيدته التي أولها.
سلام مشوق قد يراه التشوق ... على خيره الحي الذي يتفرق
وعدد أبياتها مائة وثلاثة عشر بيتاً، وفيها البيتان السائران اللذان ثمثل بهما مدعي الأشجان مع بعد المكان، أحدهما.
وإني امرؤ أحببتكم لمكارم ... سمعت بها والأذن كالعين تعشق
وهذا البيت أخذه من قول بشار:
يا قوم أذني لبعض الحي عاشقة ... والأذن تعشق قبل العين أحيانا
والبيت الثاني من قصيدة ابن الشحنة:
وقالت لي الأيام إن كنت واثقاً ... بأبناء أيوب فأنت الموفق
وقد مدحه خلق كثير من الشعراء تغمده الله تعالى برحمته وأسكنه بحبوحة جنته.