استحال دماً. ولما قتل الحسين وأصحابه سيقت حريمهم كما تساق الأسارى قاتل الله فاعل ذلك، وفيهن جمع من بنات الحسين، وبنات علي رضي الله عنهما، وعن الجميع ومعهن زين العابدين مريضاً. روي أنه لما قتل السادة الأخيار، مال الفجرة الأشرار إلى خيام الحريم المصؤنة، وهكتوا الأستار، فقال بعض من حضر: ويلكم إن لم تكونوا أتقياء في دينكم، فكونوا إحراراً في دنياكم، وذكروا مع ذلك ما يعظم من الزندقة والفجور؛ وهو أن عبيد الله بن زياد أمر أن يقور الرأس المشرف المكرم حتى ينصب في الرمح، فتحامى الناس عن ذلك، فقام من بين الناس رجل يقال له طارق بن المبارك بل هو ابن المشؤم المذموم، فقوره ونصبه بباب المسجد الجامع، وخطب خطبة لا يحل ذكرها. ثم دعا بزياد بن حر بن قيس الجعفي فسلم إليه رأس الحسين، ورؤوس اخوته وبنيه وأصحابه، ودعا بعلي بن الحسين، فحمله وحمل عماته وأخواته إلى يزيد على محامل بغير وطاء، والناس يخرجون إلى لقائهم في كل بلد ومنزل حتى قدموا دمشق، ودخلوا من باب توما، وأقيموا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي، ثم وضع الرأس المكرم بين يدي يزيد، فأمر أن يجعل في طست من ذهب وجعل ينظر إليه ويقول مفتخراً بما إليه من الخزي نقل يؤول.

صبرنا وكان الصبر منا عزيمة ... وأسيافنا يقطعن كفاً ومعصما

يعلق هاماً من رجال أعزة ... علينا وهم كانوا أغر وأظلما

وأمر بالرأس أن يصاب بالشام، واختلف الناس أين حمل الرأس المكرم من البلاد وأين دفن، فذكر الحافظ أبو العلاء الهمداني أن يزيد حين قدم عليه رأس الحسين بعث إلى المدينة فأقدم عليه عدة من موالي بني هاشم، وضم إليهم عدة من موالي أبي سفيان، ثم بعث ينتقل رأس الحسين ومن بقي من أهله، وجهزهم بكل شيء ولم يدع لهم حاجة إلا أمر لهم بها، وبعث برأس الحسين إلى عمرو بن سعيد بن العاص وهو إذ ذاك عامله على المدينة، فقال عمرو: وددت أنه لم يبعث به إلي ثم أمر عمرو بن سعيد برأس الحسين رضوان. الله عليه فكفن ودفن في البقيع عند قبر أمه فاطمة رضي الله عنها. قال: هذا أصح ما قيل فيه، وكذلك قال الزبير بن بكار وأن الرأس حمل إلى المدينة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015