وإخواته وأهله ورجاله. وكان شاور لما أحس بخروج الفرنج إلى مصر أرسل إلى أسد الدين يستصرخه، فخرج مسرعاً، ولما علم الفرنج بوصوله إلى مصر واتفاقه مع أهلها رحلوا راجعين على أعقبهم ناكصين. وقام اسد الدين بها، يتردد إليه شاور في الأحيان، وكان قد وعدهم بمال في مقابلة ما خسروا من النفقة، فلم يعطيهم شيئاً، وعلقت مخالب أسد الدين في البلاد، وعلم أنه متى وجد الفرنج فرصة أخذوا البلاد، وتحقق أنه لا سبيل إلى الاستيلاء على البلاد مع بقاء شاور، فأجمع رأيه على القبض عليه إذا خرج إليه. وكان الأمراء الواصلون مع أسد الدين يترددون إلى خدمة شاور وهو يجتمع بأسد الدين في بعض الأحيان، وكان يركب على عادة وزرانهم بالطبل والبوق والعلم، فلم يتجاسر على قبضه أحد من الجماعة إلا أسد الدين بنفسه، وذلك أنه لما سار إليهم تلقاه راكباً، وسار إلى جانبه وأخذ يتلاعب به، وأمر العسكر أن يقصدوا أصحابه، ففزوا ونهبهم العسكر، وأنزل شاور في خيمة مفردة وأمر بجز رأسه. وأرسل المصريون إلى أسد الدين خلع الوزارة، فلبسها وسار ودخل القصر، وترتب وزيراً وذلك في شهر ربيع الأول سنة أربع وستين وخمس مائة، ودام آمراً وناهياً - وصلاح الدين مباشر الأمور ومقررها لمكان كفايته ودرايته وحسن رأيه وسياسته - إلى الثاني والعشرين من جمادى الآخرة من السنة المذكورة، فمات أسد الدين في القاهرة، ودفن بها، ثم نقل إلى مدينة الرسول - صلى الله عليه وآله وسلم - بعد مدة بوصية منه. وذكر بعضهم أن أسد الدين دخل القاهرة في سنة أربع وستين وخمس مائة وخرج إليه العاضد آخر ملوك العبيديين، وتلقاه وحضر يوم الجمعة ثالث يوم دخوله، وجلس جانب العاضد، فخلع عليه، وأظهر له شاور وداً، وطلب منه أسد الدين مالاً ينفقه في العسكر، فدافعه وأرسل إليه أن الجند تغيرت قلوبهم عليه بسبب عدم النفقة، فإذا خرجت فكن منهم على حذر، فلم يكترث شاور بكلامه، وعزم أن يعمل دعوة يستدعي إليها أسد الدين والعساكر الشامية، ويقبض عليهم، فأحس أسد الدين بذلك، فاتفق صلاح الدين وعز الدين وبعض كبراء الدولة على قتل شاور وأعلموا أسد الدين فنهاهم عنه، وخرج شاور قاصداً أسد الدين - وخيامهم كانت على شاطىء النيل - فلم يجده في خيمته، وكان قد ركب إلى زيارة قبر الشافعي رضي الله عنه بالقرافة - فقال شاور: يمضي إليه، فساروا، فاكتنفه صلاح الدين مع آخر، فأنزلاه عن فرسه، فهرب أصحابه وأخذ أسيراً، وكتف، ولم يمكنهم قتله بغير إذن نور الدين، فأرسل العاضد يأمرهم بقتله فقتلوه. وكان ذا شهامة ونجابة وفروسية، قد تمكن فى بلاد الصعيد، ثم توجه إلى القاهرة وأخذ الوزارة، ثم توجه إلى