قلت هذا ما نقل بعضهم على وجه الإجمال، وها أنا أذكر ما فصل بعضهم على وجه الاختصار، وحاصل ما ذكروا أن يزيد أرسل إلى الوليد بن عتبة أن يأخذ له البيعة على الناس، فأرسل إلى الحسين بن علي وإلى عبد الله بن الزبير ليلاً فأتى بهما، فقال: بايعا فقالا مثلنا لا يبايع سراً، ولكن نبايع على رؤوس الأشهاد إذا أصبحنا، فرجعا إلى بيوتهما وخرجا من ليلتهما إلى مكة، وذلك لليليتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة شهر شعبان ورمضان وشوال وفي القعدة، وخرج يوم التروية يريد الكوفة، فبعث عبيد الله بن زياد ابن أبيه خيلاً وأمرعليهم أميراً سموه من أولاد بعض الصحابة أكره ذكره فأدركه بكربلاء، وما زال عبيد الله بن زياد يزيد العساكر إلى أن بلغوا اثنين وعشرين الفاً، ووعد الأمير المذكور أن يملكه مدينة الري، فباع الفاسق الرشد بالغي وفيه يقول:

أأترك ملك الري والري بغيتي ... وارجع مأثوماً بقتل حسين

قلت ولو قال:

أأترك ملك الري بل هو بغيتي ... وإن عدت مأثوماً يقتل حسين

لكان هذا الإنشاد أدل على المراد، فضيق عليه الفاسق أشد تضييق، وسد بين يديه واضح الطريق إلى أن قتله يوم الجمعة وقيل يوم السبت وقيل يوم الأحد، واتفقوا على أنه يوم عاشوراء بقرب الكوفة بموضع يقال له كربلاء، وعليه جبة خز بعد أن حموه عن الماء وفي ذلك يقول الشاعر.

فدونك يا ماء العذيب تعرضت ... مياه رحيمات عن الوصل صدت

حميت كما كان الحسين بكربلا ... عن الماء يحمي مثل حالته التي

وقتل معه اثنان وثمانون من أصحابه مبارزة، ثم قتل جميع بنيه إلا علي بن الحسين المعروف بزين العابدين، فإنه كان مريضاً وأخذ أسيراً بعد قتل أبيه وقتل أكثر إخوة الحسين وأقاربه، وفيهم يقول القائل:

عيني أبكي بعبرة وعويل ... أو اندبي إن ندبت آل رسول

سبعة كلهم لصلب علي ... قد أصيبوا وستة لعقيل

ورووا عن جعفر الصادق رضي الله عنه أنه وجد بالحسين ثلاث وثلاثون طعنة وأربع وثلاثون ضربة واختلفوا في قاتله رضي الله تعالى عنه اختلافاً كثيراً وذكر بعضهم أنه قتل معه من أولاد فاطمة رضي الله تعالى عنها سبعة عشر رجلاً.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015