وفيها توفي المقدم الأمير الكبير محمد بن عبد الملك، كان من أعيان أمراء الدولتين بطلاً شجاعاً محتشماً عاقلاً، شهد في الشام المذكور الفتوحات، وحج، فلما نزل بعرفات رفع علم السلطان صلاح الدين، وضرب الكوسات فأنكر عليه أمير ركب العراق، فلم يلتفت وركب في طلبه وركب إليه الآخر، فالتقوا وقتل جماعة من الفريقين، وأصاب ابن المقدم سهم في عينه، فخرج سريعاً، ثم مات من الغد بمنى. وتوفي شيخ الحنابلة الملقب بناصر الإسلام نصر بن قينان - وكان موصوفاً بالورع والزهد والتعبد. وفيها توفي مجد الدين الصاحب هبة الله بن علي، ولي أستاذ دار للمستضيء، ولما ولي الناصر رفع منزلته وبسط يده وكان رافضياً سباياً لما تمكن أحيى شعار الإمامية، واشتهر بأشياء قبيحة، فقتل وأخذت حواصله، من جملتها ألف ألف دينار.

سنة اربع وثمانين وخمس مائة

دخلت، وصلاح الدين يصول وبخيوله يجول، حتى لاقت الفرنج منه ما ذكره يطول، وافتتح أخوه الملك العادل الكرك بالأمان، سلموها له لفريط القحط في رمضان. وفيها توفي أسامة بن مرشد الأمير الكبير مؤيد الدولة أبو المظفر الكناني - الشيرازي، أحد الأبطال المشهورين والشعراء المبرزين، له عدة تصانيف في الأدب والأخبار والنثر ونظم الأشعار، له ديوان شعر في جزأين ومن شعره:

لا تستعر جلداً على هجرانهم ... فقواك تضعف عن صدود دائم

واعلم بأنك إن رجعت إليهم ... طوعاً وإلا عدت عودة راغم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015