وآله وسلم، وأعتقه، فكلموه صلى الله عليه وآله وسلم فيه، فجعل صلى الله عليه وآله وسلم الخيرة إلى زيد أن اختار قومه أرسله معهم وإن اختار النبي صلى الله عليه وآله وسلم أقام معه، فرغبه أهله إلى أن يختارهم، فأبى، واختار النبي صلى الله عليه وآله وسلم للسعادة السابقة، وكان صلى الله عليه وآله وسلم يحبه، وفيه نزل " وإذ تقول للذي أنعم الله عليه وأنعمت عليه " الأحزاب قيل أنعم الله تعالى عليه بالإيمان، وأنعمت عليه بالعتق والإحسان. وزوجة رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم زينب بنت جحش، فأقامت عنده. إلى أن فارقها لما فهم أن لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فيها رغبة موثراً بها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على نفسه، فزوجها الله تعالى عند ذلك رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، كما أخبر سبحانه بقوله " فلما قضى زيد منها وطراً زوجناكما " عوضها الله تعالى أشرف الخلق وأكرمهم صلى الله عليه وآله وسلم، لما انقادت وأطاعت في زواج زيد بعد أن كانت قد كرهته هي وأخوها لكونه مولى، فلما أنزل الله عز وجل في ذلك: " وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمراً أن يكون لهم الخيرة من أمرهم " الآية إذعناً وأطاعا واستسلما لحكم الله تعالى فأعقبها ذلك السعادة الكبرى في الدنيا والآخرة. وقال ابن عبد البر: كان قد سبي في الجاهلية، وهو غلام، فاشتراه حكيم بن حزام لعمته خديجة بأربع مائة درهم، فلما تزوجها رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تبناه صلى الله عليه وآله وسلم بمكة قبل النبوة، فهو ابن ثمان سنين، فقال أبوه حارثة حين فقده. أشعاراً:
بكيت على زيد ولم أدر ما فعل ... أحي يرجى أم أتى دونه الأجل
فو الله ما أدري وإن كنت سائلاً ... أغالك سهل الأرض أم غالك الجبل
تذكرنيه الشمس عند طلوعها ... ويعرض ذكراه إذا قارب الطفل
وإن هبت الأرواح هيجن ذكره ... فيا طول ما حزني عليه وما وجل
سأعمل نضر العيش في الأرض جاهداً ... ولا أسأم التطواف أوتشأم الأبل
حياتي أو تأتي علي منيتي ... وكل امرء فان وإن غره الأمل
فحج بعد ذلك ناس من كلب فرأوا زيداً، فعرفهم، وعرفوه، فقال لهم أبلغوا أهلي الأبيات فإني أعلم أنهم قد جزعوا علي فأنشد أشعاراً:
أحن إلى قومي وإن كنت نائياً ... فإني قعيد البيت عند المشاعر